كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 3)

إِنَّ النَّاس لَمْ يَكُونُوا يَجْلِسُونَ لَنَا بَعْد الصَّلَاة فَجَعَلْتهَا قَبْلهَا . قَالَ فِي الْفَتْح : وَهَذَا يُشْعِر بِأَنَّ مَرْوَان فَعَلَ ذَلِكَ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُ ، وَقَالَ فِي مَوْضِع آخَر لَكِنْ قِيلَ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي زَمَن مَرْوَان يَتَعَمَّدُونَ تَرْك سَمَاع الْخُطْبَة لِمَا فِيهَا مِنْ سَبّ مَنْ لَا يَسْتَحِقّ السَّبّ وَالْإِفْرَاط فِي مَدْح بَعْض النَّاس ، فَعَلَى هَذَا إِنَّمَا رَاعَى مَصْلَحَة نَفْسه
( فَقَامَ رَجُل )
: فِي الْمُبْهَمَات أَنَّهُ عُمَارَة بْن رُوَيْبَة ، وَقَالَ فِي الْفَتْح : يَحْتَمِل أَنْ يَكُون هُوَ أَبَا مَسْعُود كَمَا فِي رِوَايَة الرَّزَّاق . وَفِي الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم أَنَّ أَبَا مَسْعُود أَنْكَرَ عَلَى مَرْوَان أَيْضًا ، فَيُمْكِن أَنْ يَكُون الْإِنْكَار مِنْ أَبِي سَعِيد وَقَعَ فِي أَوَّل الْأَمْر ثُمَّ تَعَقَّبَهُ الْإِنْكَار مِنْ الرَّجُل الْمَذْكُور ، وَيُؤَيِّد ذَلِكَ مَا عِنْد الْبُخَارِيّ فِي حَدِيث أَبِي سَعِيد بِلَفْظِ " فَإِذَا مَرْوَان يُرِيد أَنْ يَرْتَقِيه يَعْنِي الْمِنْبَر قَبْل أَنْ يُصَلِّي فَجَبَذْت بِثَوْبِهِ فَجَذَبَنِي فَارْتَفَعَ فَخَطَبَ فَقُلْت لَهُ غَيَّرْتُمْ فَقَالَ يَا أَبَا سَعِيد قَدْ ذَهَبَ مَا تَعْلَم فَقُلْت مَا أَعْلَم وَاَللَّه خَيْر مِمَّا لَا أَعْلَم " وَفِي مُسْلِم " فَإِذَا مَرْوَان يُنَازِعنِي يَده كَأَنَّهُ يَجُرّنِي نَحْو الْمِنْبَر وَأَنَا أَجُرّهُ نَحْو الصَّلَاة فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِكَ مِنْهُ قُلْت أَيْنَ الِابْتِدَاء بِالصَّلَاةِ فَقَالَ لَا أَبَا سَعِيد قَدْ تُرِكَ مَا تَعْلَم ، فَقُلْت كَلَّا وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَأْتُونَ بِخَيْرٍ مِمَّا أَعْلَم ثَلَاث مَرَّات ثُمَّ اِنْصَرَفَ " وَالْحَدِيث فِيهِ مَشْرُوعِيَّة الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر بِالْيَدِ إِنْ اِسْتَطَاعَ ذَلِكَ ، وَإِلَّا فَبِاللِّسَانِ وَإِلَّا فَبِالْقَلْبِ وَلَيْسَ وَرَاء ذَلِكَ مِنْ الْإِيمَان شَيْء
( فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ )
: مِنْ الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر
( فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ )
: أَيْ التَّغَيُّر بِيَدِهِ
( فَبِلِسَانِهِ )
: أَيْ فَيُنْكِر بِلِسَانِهِ
( فَإِنْ@

الصفحة 492