كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 3)

وَسَلَّمَ الرجل
( عَنْهُ )
عَنْ ذَلِكَ الْفِعْل أَيْ الْقِرَاءَة وَلَمْ يَنْهَ فَدَلَّ عَلَى عَدَم الْكَرَاهَة قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَة : وَقَدْ رَوَى عَنْ الْحَجَّاج بْن أَرْطَاة عَنْ قَتَادَة عَنْ زُرَارَةَ بْن أَوْفَى عَنْ عِمْرَان بْن حُصَيْنٍ قَالَ : " كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ الْقِرَاءَة خَلْف الْإِمَام " وَفِي سُؤَال شُعْبَة وَجَوَاب قَتَادَة فِي هَذِهِ الرِّوَايَة الصَّحِيحَة تَكْذِيب مَنْ قَلَبَ هَذَا الْحَدِيث وَأَتَى فِيهِ بِمَا لَمْ يَأْتِ بِهِ الثِّقَات مِنْ أَصْحَاب قَتَادَة . اِنْتَهَى .
705 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( فَلَمَّا اِنْفَتَلَ )
: أَيْ فَرَغَ وَانْصَرَفَ مِنْ الصَّلَاة
( فَقَالَ : عَلِمْت أَنَّ بَعْضكُمْ خَالَجَنِيهَا )
: قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِم : أَيْ جَاذَبَنِيهَا ، وَالْخَلْج الْجَذْب ، وَهَذَا وَقَوْله نَازَعَنِيهَا فِي الْمَعْنَى سَوَاء . وَإِنَّمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ مُجَاذَبَته إِيَّاهُ فِي قِرَاءَة السُّورَة ، حِين تَدَاخَلَتْ الْقِرَاءَتَانِ وَتَجَاذَبَتَا ، فَأَمَّا قِرَاءَة فَاتِحَة الْكِتَاب فَإِنَّهُ مَأْمُور بِهَا عَلَى كُلّ حَال إِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَقْرَأ فِي السَّكْتَة فَعَلَ وَإِلَّا قَرَأَ مَعَهُ لَا مَحَالَة . وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة ، فَرُوِيَ عَنْ جَمَاعَة مِنْ الصَّحَابَة أَنَّهُمْ أَوْجَبُوا الْقِرَاءَة خَلْف الْإِمَام .
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ آخَرِينَ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَقْرَءُونَ . وَافْتَرَقَ الْفُقَهَاء فِيهِ عَلَى ثَلَاثَة أَقَاوِيل ، فَكَانَ مَكْحُول وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو ثَوْر يَقُولُونَ لَا بُدّ مِنْ أَنْ يَقْرَأ خَلْف الْإِمَام فِيمَا جَهَرَ بِهِ وَفِيمَا لَمْ يَجْهَر بِهِ مِنْ الصَّلَاة . وَقَالَ الزُّهْرِيّ وَمَالِك وَابْن الْمُبَارَك وَأَحْمَد وَإِسْحَاق يَقْرَأ فِيمَا أَسَرَّ الْإِمَام فِيهِ بِالْقِرَاءَةِ وَلَا يَقْرَأ فِيمَا جَهَرَ بِهِ . وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ وَأَصْحَاب الرَّأْي لَا يَقْرَأ أَحَد خَلْف الْإِمَام جَهَرَ أَوْ أَسَرَّ@

الصفحة 57