كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 3)
قُلْت : حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة الَّذِي أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ ضَعِيف لِأَنَّ فِي إِسْنَاده خَالِد بْن إِيَاس وَقَالَ التِّرْمِذِيّ بَعْد إِخْرَاجه خَالِد بْن إِيَاس ضَعِيف عِنْد أَهْل الْحَدِيث ، وَعَلَى تَقْدِير صِحَّته وَصِحَّة هَذِهِ الْآثَار لَا مُنَافَاة بَيْنهَا وَبَيْن الْقَوْل بِسُنِّيَّةِ جِلْسَة الِاسْتِرَاحَة لِأَنَّ التَّرْك لَهَا مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْض الْحَالَات إِنَّمَا يُنَافِي وُجُوبهَا فَقَطْ ، وَكَذَلِكَ تَرْك بَعْض الصَّحَابَة لَهَا لَا يَقْدَح فِي سُنِّيَّتهَا لِأَنَّ تَرْك مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ جَائِز .
719 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( فِي الْإِقْعَاء عَلَى الْقَدَمَيْنِ فِي السُّجُود )
: مَعْنَى الْإِقْعَاء هَاهُنَا أَنْ يَجْعَل إلْيَتَيْهِ عَلَى عَقِبَيْهِ بَيْن السَّجْدَتَيْنِ وَلَهُ مَعْنًى آخَر وَهُوَ أَنْ يُلْصِق إلْيَتَيْهِ بِالْأَرْضِ وَيَنْصِب سَاقَيْهِ وَيَضَع يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْض كَإِقْعَاءِ الْكَلْب ، لَكِنَّ الْمُرَاد هَاهُنَا هُوَ الْمَعْنَى الْأَوَّل كَمَا يَدُلّ عَلَيْهِ قَوْله : عَلَى الْقَدَمَيْنِ فِي السُّجُود
( إِنَّا لَنَرَاهُ جَفَاء بِالرَّجُلِ )
: قَالَ النَّوَوِيّ : ضَبَطْنَاهُ بِفَتْحِ الرَّاء وَضَمّ الْجِيم أَيْ بِالْإِنْسَانِ ، وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ جَمِيع رُوَاة مُسْلِم . قَالَ وَضَبَطَهُ أَبُو عُمَر بْن عَبْد الْبَرّ بِكَسْرِ الرَّاء وَإِسْكَان الْجِيم . قَالَ أَبُو عُمَر وَمَنْ ضَمَّ الْجِيم فَقَدْ غَلِطَ ، وَرَدَّ الْجُمْهُور عَلَى اِبْن عَبْد الْبَرّ وَقَالُوا : الصَّوَاب الضَّمّ وَهُوَ الَّذِي يَلِيق بِهِ إِضَافَة الْجَفَاء إِلَيْهِ وَاَللَّه أَعْلَم
( فَقَالَ اِبْن عَبَّاس هِيَ سُنَّة نَبِيّك صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )@
الصفحة 79
502