كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 3)

720 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( عُبَيْد بْن الْحَسَن )
: هُوَ أَبُو الْحَسَن الْكُوفِيّ عَنْ اِبْن أَبِي أَوْفَى ، وَعَنْهُ شُعْبَة وَالثَّوْرِيّ وَثَّقَهُ اِبْن مَعِين
( إِذَا رَفَعَ رَأْسه )
: أَيْ حِين شَرَعَ فِي رَفْعه
( مِلْء السَّمَوَات )
: بِالنَّصْبِ وَهُوَ الْأَكْثَر عَلَى أَنَّهُ صِفَة مَصْدَر مَحْذُوف وَقِيلَ عَلَى نَزْع الْخَافِض أَيْ بِمِلْءِ السَّمَوَات ، وَبِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ صِفَة الْحَمْد ، وَالْمِلْء بِالْكَسْرِ اِسْم مَا يَأْخُذهُ الْإِنَاء إِذَا اِمْتَلَأَ وَهُوَ مَجَاز عَنْ الْكَثْرَة . قَالَ الْمُظْهِر : هَذَا تَمْثِيل وَتَقْرِيب إِذْ الْكَلَام لَا يُقَدَّر بِالْمَكَايِيلِ وَلَا تَسَعهُ الْأَوْعِيَة ، وَإِنَّمَا الْمُرَاد مِنْهُ تَكْثِير الْعَدَد حَتَّى لَوْ قُدِّرَ أَنَّ تِلْكَ الْكَلِمَات تَكُون أَجْسَامًا تَمْلَأ الْأَمَاكِن لَبَلَغَتْ مِنْ كَثْرَتهَا مَا تَمْلَأ السَّمَوَات وَالْأَرَضِينَ
( وَمِلْء مَا شِئْت مِنْ شَيْء بَعْد )
: أَيْ بَعْد ذَلِكَ أَيْ مَا بَيْنهمَا أَوْ غَيْر مَا ذَكَرَ كَالْعَرْشِ وَالْكُرْسِيّ وَمَا تَحْت الثَّرَى قَالَ التُّورْبَشْتِيُّ : هَذَا أَيْ مِلْء مَا شِئْت يُشِير إِلَى الِاعْتِرَاف بِالْعَجْزِ عَنْ أَدَاء حَقّ الْحَمْد بَعْد اِسْتِفْرَاغ الْمَجْهُود فَإِنَّهُ حَمِدَهُ مِلْء السَّمَوَات وَالْأَرْض ، وَهَذَا نِهَايَة إِقْدَام السَّابِقِينَ ثُمَّ اِرْتَفَعَ وَتَرَقَّى فَأَحَالَ الْأَمْر فِيهِ عَلَى الْمَشِيئَة إِذْ لَيْسَ وَرَاء ذَلِكَ لِلْحَمْدِ مُنْتَهًى ، وَلِهَذِهِ الرُّتْبَة الَّتِي لَمْ يَبْلُغهَا أَحَد مِنْ خَلْق اللَّه اِسْتَحَقَّ عَلَيْهِ السَّلَام@

الصفحة 81