كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 3)

وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيث عَلَى وُجُوب الطُّمَأْنِينَة فِي أَرْكَان الصَّلَاة ، وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُور . وَاشْتَهَرَ عَنْ الْحَنَفِيَّة أَنَّ الطُّمَأْنِينَة سُنَّة ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ كَثِير مِنْ مُصَنِّفِيهِمْ لَكِنْ كَلَام الطَّحَاوِيُّ كَالصَّرِيحِ فِي الْوُجُوب عِنْدهمْ فَإِنَّهُ تَرْجَمَ مِقْدَار الرُّكُوع وَالسُّجُود ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيث الَّذِي أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْره فِي قَوْله : سُبْحَان رَبِّيَ الْعَظِيم ثَلَاثًا فِي الرُّكُوع وَذَلِكَ أَدْنَاهُ . قَالَ فَذَهَبَ قَوْم إِلَى أَنَّ هَذَا مِقْدَار الرُّكُوع وَالسُّجُود لَا يُجْزِئ أَدْنَى مِنْهُ . قَالَ وَخَالَفَهُمْ آخَرُونَ . فَقَالُوا إِذَا اِسْتَوَى رَاكِعًا وَاطْمَأَنَّ سَاجِدًا أَجْزَأَ ثُمَّ قَالَ : وَهَذَا قَوْل أَبِي حَنِيفَة وَأَبِي يُوسُف وَمُحَمَّد . قَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد : تَكَرَّرَ مِنْ الْفُقَهَاء الِاسْتِدْلَال بِهَذَا الْحَدِيث عَلَى وُجُوب مَا ذُكِرَ فِيهِ وَعَلَى عَدَم وُجُوب مَا لَمْ يُذْكَر أَمَّا الْوُجُوب فَلِتَعَلُّقِ الْأَمْر بِهِ ، وَأَمَّا عَدَمه فَلَيْسَ بِمُجَرَّدِ كَوْن الْأَصْل عَدَم الْوُجُوب بَلْ لِكَوْنِ الْمَوْضِع مَوْضِع تَعْلِيم وَبَيَان لِلْجَاهِلِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي اِنْحِصَار الْوَاجِبَات فِيمَا ذُكِرَ ، وَيَتَقَوَّى بِكَوْنِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ الْإِسَاءَة مِنْ هَذَا الْمُصَلِّي وَمَا لَمْ تَتَعَلَّق بِهِ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْصِر الْمَقْصُود عَلَى مَا وَقَعَتْ بِهِ الْإِسَاءَة . قَالَ : فَكُلّ مَوْضِع اِخْتَلَفَ الْفُقَهَاء فِي وُجُوبه وَكَانَ مَذْكُورًا فِي هَذَا الْحَدِيث فَلَسْنَا أَنْ نَتَمَسَّك بِهِ فِي وُجُوبه وَبِالْعَكْسِ ، لَكِنْ يُحْتَاج أَوَّلًا إِلَى جَمْع طُرُق هَذَا الْحَدِيث وَإِحْصَاء الْأُمُور الْمَذْكُورَة فِيهِ وَأُخِذَ بِالزَّائِدِ فَالزَّائِد ، ثُمَّ إِنْ عَارَضَ الْوُجُوب أَوْ عَدَمه دَلِيل أَقْوَى مِنْهُ عُمِلَ بِهِ ، وَإِنْ جَاءَتْ صِيغَة الْأَمْر فِي حَدِيث آخَر بِشَيْءٍ لَمْ يُذْكَر فِي هَذَا الْحَدِيث قُدِّمَتْ . قَالَ الْحَافِظ : قَدْ اِمْتَثَلْت مَا أَشَارَ إِلَيْهِ وَجَمَعْت طُرُقه الْقَوِيَّة مِنْ رِوَايَة أَبِي هُرَيْرَة وَرِفَاعَة ، وَقَدْ أَمْلَيْت الزِّيَادَات الَّتِي اِشْتَمَلَتْ عَلَيْهَا فَمِمَّا لَمْ يُذْكَر فِيهِ صَرِيحًا مِنْ الْوَاجِبَات الْمُتَّفَق عَلَيْهَا النِّيَّة وَالْقُعُود الْأَخِير ، وَمِنْ الْمُخْتَلَف فِيهِ التَّشَهُّد الْأَخِير وَالصَّلَاة عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالسَّلَام فِي آخِر الصَّلَاة . قَالَ النَّوَوِيّ : وَهُوَ مَحْمُول عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مَعْلُومًا عِنْد الرَّجُل اِنْتَهَى . وَهَذَا يَحْتَاج@

الصفحة 97