كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 4)

يُصَلِّي عَلَى دَابَّته يُومِئ إِيمَاء وَإِنْ كَانَ طَالِبًا نَزَلَ فَصَلَّى بِالْأَرْضِ . قَالَ الشَّافِعِيّ إِلَّا أَنْ يَنْقَطِع عَنْ أَصْحَابه فَيَخَاف عَوْد الْمَطْلُوب عَلَيْهِ فَيُجْزِئهُ ذَلِكَ ، وَعُرِفَ بِهَذَا أَنَّ الطَّالِب فِيهِ التَّفْصِيل بِخِلَافِ الْمَطْلُوب ، وَوَجْه الْفَرْق أَنَّ شِدَّة الْخَوْف فِي الْمَطْلُوب ظَاهِرَة لِتَحَقُّقِ السَّبَب الْمُقْتَضِي لَهَا ، وَأَمَّا الطَّالِب فَلَا يَخَاف اِسْتِيلَاء الْعَدُوّ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَخَاف أَنْ يَفُوتهُ الْعَدُوّ . قَالَ فِي الْفَتْح : وَمَا نَقَلَهُ اِبْن الْمُنْذِر مُتَعَقَّب بِكَلَامِ الْأَوْزَاعِيِّ فَإِنَّهُ قَيَّدَهُ بِشِدَّةِ الْخَوْف وَلَمْ يَسْتَثْنِ طَالِبًا مِنْ مَطْلُوب وَبِهِ قَالَ اِبْن حَبِيب مِنْ الْمَالِكِيَّة ، وَذَكَرَ أَبُو إِسْحَاق الْفَزَارِيُّ فِي كِتَاب السُّنَن لَهُ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قَالَ إِذَا خَافَ الطَّالِبُونَ إِنْ نَزَلُوا الْأَرْض فَوَّتَ الْعَدُوّ وَصَلُّوا حَيْثُ وُجِّهُوا عَلَى كُلّ حَال ، وَالظَّاهِر أَنَّ مَرْجِع هَذَا الْخِلَاف إِلَى الْخَوْف الْمَذْكُور فِي الْآيَة ، فَمَنْ قَيَّدَهُ بِالْخَوْفِ عَلَى النَّفْس وَالْمَال مِنْ الْعَدُوّ فَرَّقَ بَيْن الطَّالِب وَالْمَطْلُوب ، وَمَنْ جَعَلَهُ أَعَمّ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُفَرِّق بَيْنهمَا وَجَوَّزَ الصَّلَاة الْمَذْكُورَة لِلرَّاجِلِ وَالرَّاكِب عِنْد حُصُول أَيّ خَوْف قَالَهُ فِي شَرْح الْمُنْتَقَى . وَقَالَ فِي عُمْدَة الْقَارِي : وَمَذَاهِب الْفُقَهَاء فِي هَذَا الْبَاب فَعِنْد أَبِي حَنِيفَة إِذَا كَانَ الرَّجُل مَطْلُوبًا فَلَا بَأْس بِصَلَاتِهِ سَائِرًا وَإِنْ كَانَ طَالِبًا فَلَا ، وَقَالَ مَالِك وَجَمَاعَة مِنْ أَصْحَابه هُمَا سَوَاء كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا يُصَلِّي عَلَى دَابَّته وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيّ فِي آخَرِينَ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَة وَهُوَ قَوْل عَطَاء وَالْحَسَن وَالثَّوْرِيِّ وَأَحْمَد وَأَبِي ثَوْر . وَعَنْ الشَّافِعِيّ إِنْ خَافَ الطَّالِب فَوْتَ الْمَطْلُوب أَوْمَأَ وَإِلَّا فَلَا اِنْتَهَى
( عُرَنَة )
: بِضَمِّ الْعَيْن وَفَتْح الرَّاء وَالنُّون وَادٍ بِحِذَاءِ عَرَفَات
( فَاقْتُلْهُ )
: أَيْ خَالِد بْن سُفْيَان
( أَنْ يَكُون بَيْنِي وَبَيْنه )
: أَيْ خَالِد
( مَا )
: مَوْصُولَة أَيْ الْقِتَال وَالْحَرْب أَوْ الْكَيْد@

الصفحة 130