كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 4)
1077 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( مَنْ حَافَظَ )
: أَيْ دَاوَمَ وَوَاظَبَ
( وَأَرْبَع بَعْدهَا )
: رَكْعَتَانِ مِنْهَا مُؤَكَّدَة ، وَرَكْعَتَانِ مُسْتَحَبَّة فَالْأُولَى بِتَسْلِيمَتَيْنِ
( حَرُمَ عَلَى النَّار )
: أَيْ حَرَّمَهُ اللَّه عَلَى النَّار ، وَفِي رِوَايَة لَمْ تَمَسّهُ النَّار ، وَفِي رِوَايَة حَرَّمَهُ اللَّه عَلَى النَّار ، وَفِي أُخْرَى حَرَّمَ اللَّه لَحْمه عَلَى النَّار وَقَدْ اِخْتُلِفَ فِي مَعْنَى ذَلِكَ هَلْ الْمُرَاد أَنَّهُ لَا يَدْخُل النَّار أَصْلًا أَوْ أَنَّهُ وَإِنْ قُدِّرَ عَلَيْهِ دُخُولهَا لَا تَأْكُلهُ النَّار أَوْ أَنَّهُ يَحْرُم عَلَى النَّار أَنْ تَسْتَوْعِب أَجْزَاءَهُ وَإِنْ مَسَّتْ بَعْضه كَمَا فِي بَعْض طُرُق الْحَدِيث عِنْد النَّسَائِيِّ بِلَفْظِ : " فَتَمَسّ وَجْهه النَّار أَبَدًا " وَهُوَ مُوَافِق لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيث الصَّحِيح " وَحَرَّمَ عَلَى النَّار أَنْ تَأْكُل مَوَاضِع السُّجُود " فَيَكُون قَدْ أَطْلَقَ الْكُلّ وَأُرِيد الْبَعْض مَجَازًا ، وَالْحَمْل عَلَى الْحَقِيقَة أَوْلَى وَأَنَّ اللَّه تَعَالَى يُحَرِّم جَمِيعه عَلَى النَّار وَفَضْل اللَّه تَعَالَى أَوْسَع وَرَحْمَته أَعَمّ . وَالْحَدِيث يَدُلّ عَلَى تَأَكُّد اِسْتِحْبَاب أَرْبَع رَكَعَات قَبْل الظُّهْر وَأَرْبَع بَعْده ، وَكَفَى بِهَذَا التَّرْغِيب بَاعِثًا عَلَى ذَلِكَ . وَظَاهِر قَوْله مَنْ صَلَّى أَنَّ التَّحْرِيم عَلَى النَّار يَحْصُل مَرَّة وَاحِدَة وَلَكِنَّهُ قَدْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرهمَا بِلَفْظِ : " مَنْ حَافَظَ " فَلَا يَحْرُم عَلَى النَّار إِلَّا الْمُحَافِظ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ@
الصفحة 147