كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 4)
وَقَدْ أَسْرَدَ الرِّوَايَات فِي إِعْلَام أَهْل الْعَصْر وَقَالَ فِي آخِره : فَثَبَتَ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَات أَنَّ قَضَاء الرَّاتِبَة بَعْد الْعَصْر جَائِز لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى رَكْعَتَيْ الظُّهْر بَعْد صَلَاة الْعَصْر بَعْد نَهْيه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الصَّلَاة بَعْد الْعَصْر ، وَهَكَذَا نَقُول إِنَّ الصَّلَوَات الْمَفْرُوضَات وَالسُّنَن الرَّوَاتِب تُقْضَى بَعْد الْفَجْر وَالْعَصْر اِنْتَهَى كَلَامه
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم .
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
فَلَا تُكْرَه الصَّلَاة عِنْده بَعْد الْعَصْر إِذَا كَانَتْ الشَّمْس حَيَّة بَيْضَاء . قَالَ الْحَافِظ اِبْن عَبْد الْبَرّ : قَالَ طَائِفَة مِنْ الْعُلَمَاء إِنَّهُ لَا بَأْس بِالتَّطَوُّعِ بَعْد الصُّبْح وَبَعْد الْعَصْر لِأَنَّ النَّهْي إِنَّمَا قُصِدَ بِهِ إِلَى تَرْك الصَّلَاة عِنْد طُلُوع الشَّمْس وَعِنْد غُرُوبهَا وَاحْتَجُّوا بِأَحَادِيث جَمَاعَة مِنْ الصَّحَابَة الَّذِينَ رَوَوْا النَّهْي عَنْ الصَّلَاة فِي هَذِهِ الْأَوْقَات ، وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تُصَلُّوا بَعْد الْعَصْر إِلَّا أَنْ تُصَلُّوا وَالشَّمْس مُرْتَفِعَة " وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَا تَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوع الشَّمْس وَلَا غُرُوبهَا " وَبِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الصَّلَاة عَلَى الْجَنَائِز بَعْد الصُّبْح وَبَعْد الْعَصْر إِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْد الطُّلُوع وَعِنْد الْغُرُوب . قَالُوا فَالنَّهْي عَنْ الصَّلَاة بَعْد الْعَصْر وَالصُّبْح هَذَا مَعْنَاهُ وَحَقِيقَته . قَالُوا وَنَهْيه عَلَى قَطْع الذَّرِيعَة ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أُبِيحَتْ الصَّلَاة بَعْد الصُّبْح وَالْعَصْر لَمْ يُؤْمَن التَّمَادِي فِيهِمَا إِلَى الْأَوْقَات الْمَنْهِيّ عَنْهَا وَهِيَ حِين طُلُوع الشَّمْس وَحِين غُرُوبهَا . هَذَا مَذْهَب اِبْن عُمَر وَقَالَ بِهِ جَمَاعَة ذَكَرَ عَبْد الرَّزَّاق أَخْبَرَنَا اِبْن جُرَيْجٍ عَنْ نَافِع سَمِعَ اِبْن عُمَر يَقُول أَمَّا أَنَا فَلَا أَنْهَى أَحَدًا يُصَلِّي مِنْ لَيْل وَنَهَار غَيْر أَنْ لَا يَتَحَرَّى طُلُوع الشَّمْس وَلَا غُرُوبهَا فَإِنَّ@
الصفحة 153