كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 4)
الشَّيْطَان حِزْبه وَأَتْبَاعه وَقِيلَ غَلَبَة أَتْبَاعه وَانْتِشَار فَسَاده وَقِيلَ الْقَرْنَانِ نَاحِيَتَا الرَّأْس وَأَنَّهُ عَلَى ظَاهِره ، قَالَ وَهَذَا الْأَقْوَى وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يُدْنِي رَأْسه إِلَى الشَّمْس فِي هَذِهِ الْأَوْقَات لِيَكُونَ السَّاجِدُونَ لَهَا مِنْ الْكُفَّار كَالسَّاجِدِينَ لَهُ فِي الصُّورَة ، وَحِينَئِذٍ يَكُون لَهُ وَلِشِيعَتِهِ تَسَلُّط ظَاهِر وَتَمَكُّن مِنْ أَنْ يُلْبِسُوا عَلَى الْمُصَلِّينَ صَلَاتهمْ فَكُرِهَتْ الصَّلَاة حِينَئِذٍ صِيَانَة لَهَا كَمَا كُرِهَتْ فِي الْأَمَاكِن الَّتِي هِيَ مَأْوَى الشَّيْطَان
( وَيُصَلِّي لَهَا )
: أَيْ لِلشَّمْسِ
( الْكُفَّار )
: وَعِنْد مُسْلِم وَأَحْمَد " وَحِينَئِذٍ يَسْجُد لَهَا الْكُفَّار "
( ثُمَّ )
: أَيْ بَعْد اِرْتِفَاعهَا قَدْر رُمْح
( مَشْهُودَة مَكْتُوبَة )
: أَيْ تَشْهَدهَا الْمَلَائِكَة وَيَحْضُرُونَهَا وَتَكْتُب أَجْرهَا وَذَلِكَ أَقْرَب إِلَى الْقَبُول وَحُصُول الرَّحْمَة
( حَتَّى يَعْدِل الرُّمْح ظِلّه )
: وَلَفْظ مُسْلِم " حَتَّى يَسْتَقِلّ الظِّلّ بِالرُّمْحِ " قَالَ النَّوَوِيّ : مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَقُوم مُقَابِله فِي الشِّمَال لَيْسَ مَائِلًا إِلَى الْمَشْرِق وَلَا إِلَى الْمَغْرِب وَهَذَا حَالَة الِاسْتِوَاء اِنْتَهَى . وَالْمُرَاد أَنَّهُ يَكُون الظِّلّ فِي جَانِب الرُّمْح وَلَمْ يَبْقَ عَلَى الْأَرْض مِنْ ظِلّه شَيْء ، وَهَذَا يَكُون فِي بَعْض أَيَّام السُّنَّة وَيُقَدَّر فِي سَائِر الْأَيَّام عَلَيْهِ . وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ وَهُوَ إِذَا قَامَتْ الشَّمْس قَبْل أَنْ تَزُول وَإِذَا تَنَاهَى قَصْر الظِّلّ فَهُوَ وَقْت اِعْتِدَاله فَإِذَا أَخَذَ فِي الزِّيَادَة فَهُوَ وَقْت الزَّوَال
( فَإِنَّ جَهَنَّم تُسْجَر )
: بِالسِّينِ الْمُهْمَلَة وَالْجِيم وَالرَّاء أَيْ يُوقَد عَلَيْهَا إِيقَادًا بَلِيغًا . وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ ذَكَرَ تَسْجِير جَهَنَّم وَكَوْن الشَّمْس بَيْن قَرْنَيْ الشَّيْطَان وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَشْيَاء الَّتِي تُذْكَر عَلَى سَبِيل التَّعْلِيل لِتَحْرِيمِ شَيْء أَوْ لِنَهْيٍ عَنْ شَيْء مِنْ أُمُور لَا تُدْرَك مَعَانِيهَا مِنْ طَرِيق الْحِسّ وَالْعِيَان وَإِنَّمَا يَجِب عَلَيْنَا الْإِيمَان بِهَا
( حَتَّى تُصَلِّي الْعَصْر )
: قَالَ فِي النَّيْل : فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ وَقْت النَّهْي لَا يَدْخُل @
الصفحة 157