كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 4)
1109 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( قَالَ فِي الْمُزَّمِّل )
: أَيْ فِي سُورَة الْمُزَّمِّل ، يُقَال تَزَمَّلَ وَتَدَثَّرَ بِثَوْبِهِ إِذَا تَغَطَّى بِهِ أَرَادَ يَا أَيّهَا النَّائِم قُمْ فَصَلِّ . قَالَ الْعُلَمَاء كَانَ هَذَا الْخِطَاب لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوَّل الْوَحْي قَبْل تَبْلِيغ الرِّسَالَة ثُمَّ خُوطِبَ بَعْد بِالنَّبِيِّ وَالرَّسُول
( قُمْ اللَّيْل )
: أَيْ لِلصَّلَاةِ
( إِلَّا قَلِيلًا )
: وَكَانَ الْقِيَام فَرِيضَة فِي الِابْتِدَاء ثُمَّ بَيَّنَ قَدْره فَقَالَ تَعَالَى { نِصْفه أَوْ اُنْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا } أَيْ إِلَى الثُّلُث أَوْ زِدْ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى النِّصْف إِلَى الثُّلُثَيْنِ ، خَيَّرَهُ بَيْن هَذِهِ الْمَنَازِل ، فَكَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ يَقُومُونَ عَلَى هَذِهِ الْمَقَادِير ، وَكَانَ الرَّجُل لَا يَدْرِي مَتَى ثُلُث اللَّيْل وَمَتَى النِّصْف وَمَتَى الثُّلُثَانِ ، فَكَانَ يَقُوم حَتَّى يُصْبِح مَخَافَة أَنْ لَا يَحْفَظ الْقَدْر الْوَاجِب ، وَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ حَتَّى اِنْتَفَخَتْ أَقْدَامهمْ فَرَحِمَهُمْ اللَّه وَخَفَّفَهُ عَنْهُمْ وَنَسَخَهَا اللَّه تَعَالَى بِقَوْلِهِ الْآتِي كَمَا قَالَ الرَّاوِي
( نَسَخَتْهَا )
: أَيْ هَذِهِ الْآيَة
( الْآيَة )
: الْأُخْرَى
( الَّتِي فِيهَا )
: أَيْ فِي هَذِهِ السُّورَة وَهُوَ قَوْله
( عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ )
: أَيْ لَنْ تُطِيقُوهُ
( فَتَابَ عَلَيْكُمْ )
: أَيْ فَعَادَ عَلَيْكُمْ بِالْعَفْوِ وَالتَّخْفِيف
( فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآن )
: مِنْ غَيْر تَحْدِيد لِوَقْتٍ لَكِنْ قُومُوا مِنْ اللَّيْل مَا تَيَسَّرَ ، عَبَّرَ عَنْ الصَّلَاة بِالْقِرَاءَةِ ، فَهَذِهِ الْآيَة نَسَخَتْ الَّذِي كَانَ اللَّه أَوْجَبَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَوَّلًا مِنْ قِيَام@
الصفحة 188