كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 4)

قَاعِدًا مَنْ لَهُ كَسَل مَعَ الْقُدْرَة عَلَى الْقِيَام . قَالَ النَّوَوِيّ وَهُوَ إِجْمَاع الْعُلَمَاء . قَالَ اِبْن حَجَر الْمَكِّيّ : وَمِنْ خَصَائِصه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَنَّ ثَوَاب تَطَوُّعِهُ جَالِسًا كَهُوَ قَائِمًا لِأَنَّ الْكَسَل الْمُقْتَضِي لِكَوْنِ أَجْر الْقَاعِد عَلَى النِّصْف مِنْ أَجْر الْقَائِم كَمَا فِي الصَّحِيح مَأْمُون فِي حَقّه عَلَيْهِ السَّلَام اِنْتَهَى . وَفِيهِ أَنَّ كُلّ مَنْ صَلَّى جَالِسًا ضَرُورَة فَرْضًا أَوْ نَفْلًا يَكُون ثَوَابه كَامِلًا فَلَا يُعَدّ مِثْل هَذَا مِنْ الْخَصَائِص ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُرَاد بِهِ الْإِطْلَاق سَوَاء جُلُوسه يَكُون بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِ عُذْر قَالَهُ عَلِيّ الْقَارِي وَأَخْرَجَ مُسْلِم مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عَمْرو أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " صَلَاة الرَّجُل قَاعِدًا نِصْف الصَّلَاة قَالَ فَأَتَيْته فَوَجَدْته يُصَلِّي جَالِسًا قُلْت يَا رَسُول اللَّه إِنَّك قُلْت صَلَاة الرَّجُل قَاعِدًا عَلَى نِصْف الصَّلَاة وَأَنْتَ تُصَلِّي قَاعِدًا قَالَ أَجْل وَلَكِنِّي لَسْت كَأَحَدٍ مِنْكُمْ " وَالْحَدِيث سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ .
1113 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( قَامَ مِنْ اللَّيْل )
: أَيْ بَعْضه
( فَصَلَّى )
: أَيْ التَّهَجُّد
( وَأَيْقَظَ اِمْرَأَته )
: بِالتَّنْبِيهِ أَوْ الْمَوْعِظَة وَفِي مَعْنَاهَا مَحَارِمه
( فَإِنْ أَبَتْ )
: أَيْ اِمْتَنَعَتْ لِغَلَبَةِ النَّوْم وَكَثْرَة الْكَسَل
( نَضَحَ )
: أَيْ رَشَّ
( فِي وَجْههَا الْمَاء )
: وَالْمُرَاد التَّلَطُّف مَعَهَا وَالسَّعْي فِي قِيَامهَا لِطَاعَةِ رَبّهَا مَهْمَا أَمْكَنَ قَالَ تَعَالَى { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرّ وَالتَّقْوَى } وَقَالَ اِبْن الْمَلِك : وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ إِكْرَاه أَحَد عَلَى الْخَيْر يَجُوز بَلْ يُسْتَحَبّ
( رَحِم اللَّه اِمْرَأَة قَامَتْ مِنْ اللَّيْل )
: أَيْ وُفِّقَتْ بِالسَّبْقِ
( فَصَلَّتْ وَأَيْقَظَتْ زَوْجهَا )
: وَالْوَاو لِمُطْلَقِ الْجَمْع وَفِي التَّرْتِيب الذِّكْرِيّ إِشَارَة لَطِيفَة لَا تَخْفَى ، وَفِيهِ@

الصفحة 193