كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 4)
عَمَّا يَقُول الْمُعَطِّلَة لِصِفَاتِهِ وَالْمُشَبِّهَة بِهَا عُلُوًّا كَبِيرًا . وَفِي كِتَاب الدَّعَوَات لِأَبِي عُثْمَان : وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي قَوْله يَنْزِل اللَّه فَسُئِلَ أَبُو حَنِيفَة فَقَالَ يَنْزِل بِلَا كَيْف وَقَالَ بَعْضهمْ يَنْزِل نُزُولًا يَلِيق بِالرُّبُوبِيَّةِ بِلَا كَيْف مِنْ غَيْر أَنْ يَكُون نُزُوله مِثْل نُزُول الْخَلْق بِالتَّجَلِّي وَالتَّمَلِّي لِأَنَّهُ جَلَّ جَلَاله مُنَزَّه عَنْ أَنْ تَكُون صِفَاته مِثْل صِفَات الْخَلْق كَمَا كَانَ مُنَزَّهًا عَنْ أَنْ تَكُون ذَاته مِثْل ذَات الْغَيْر فَمَجِيئُهُ وَإِتْيَانه وَنُزُوله عَلَى حَسْب مَا يَلِيق بِصِفَاتِهِ مِنْ غَيْر تَشْبِيه وَكَيْفِيَّة اِنْتَهَى . وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيّ مِنْ طَرِيق بَقِيَّة قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيّ عَنْ الزَّهَوِيّ وَمَكْحُول قَالَا : أَمْضُوا الْأَحَادِيث عَلَى مَا جَاءَتْ . وَمِنْ طَرِيق الْوَلِيد بْن مُسْلِم قَالَ سُئِلَ الْأَوْزَاعِيُّ وَمَالِك وَسُفْيَان الثَّوْرِيّ وَاللَّيْث بْن سَعْد عَنْ هَذِهِ الْأَحَادِيث الَّتِي جَاءَتْ فِي التَّشْبِيه فَقَالُوا أَمِرُّوهَا كَمَا جَاءَتْ بِلَا كَيْفِيَّة . وَعَنْ إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ يَقُول دَخَلْت عَلَى عَبْد اللَّه بْن طَاهِر فَقَالَ لِي يَا أَبَا يَعْقُوب تَقُول إِنَّ اللَّه يَنْزِل كُلّ لَيْلَة فَقُلْت أَيّهَا الْأَمِير إِنَّ اللَّه بَعَثَ إِلَيْنَا نَبِيًّا نَقَلَ إِلَيْنَا عَنْهُ أَخْبَارًا بِهَا نُحَلِّل الدِّمَاء وَبِهَا نُحَرِّم . وَبِهَا نُحَلِّل الْفُرُوج وَبِهَا نُحَرِّم ، وَبِهَا نُبِيح الْأَمْوَال وَبِهَا نُحَرِّم ، فَإِنْ صَحَّ ذَا صَحَّ ذَاكَ ، وَإِنْ بَطَل ذَا بَطَل ذَاكَ . قَالَ فَأَمْسَكَ عَبْد اللَّه اِنْتَهَى . مُلَخَّصًا مُحَرَّرًا وَالْحَاصِل أَنَّ هَذَا الْحَدِيث وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ الْأَحَادِيث فِي الصِّفَات كَانَ مَذْهَب السَّلَف فِيهَا الْإِيمَان بِهَا وَإِجْرَاؤُهَا عَلَى ظَاهِرهَا وَنَفْي الْكَيْفِيَّة عَنْهَا . وَقَدْ أَطَالَ الْكَلَام فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة وَأَشْبَاههَا مِنْ أَحَادِيث الصِّفَات حُفَّاظ الْإِسْلَام كَابْنِ تَيْمِيَة وَابْن الْقَيِّم وَالذَّهَبِيّ وَغَيْرهمْ فَعَلَيْك مُطَالَعَة كُتُبهمْ وَاَللَّه أَعْلَم .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَهْ .@
الصفحة 200