كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 4)
" 1602 "
( أَيّ الْأَعْمَال أَفْضَل ؟ قَالَ : طُول الْقِيَام )
: قَالَ الشَّيْخ عِزّ الدِّين بْن عَبْد السَّلَام هَذَا مُشْكِل بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَقْرَب مَا يَكُون الْعَبْد مِنْ رَبّه وَهُوَ سَاجِد " وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَأَمَّا السُّجُود فَأَكْثِرُوا فِيهِ مِنْ الدُّعَاء ، فَقَمِن أَنْ يُسْتَجَاب لَكُمْ " لِأَنَّ قُرْب الْعَبْد مِنْ اللَّه تَعَالَى رَاجِع إِلَى إِحْسَان إِلَيْهِ ، وَذَلِكَ بِكَثْرَةِ الثَّوَاب وَهَذَا مَعْنَى كَوْن طُول الْقِيَام أَفْضَل ، وَلَا يُمْكِن أَنْ يَكُون فِي الصَّلَاة رُكْنَانِ كُلّ وَاحِد أَفْضَل الصَّلَاة ، وَأَيْضًا فَإِنَّ السُّجُود أَفْضَل مِنْ الْقِيَام وَاجِبه وَنَفْله ؛ لِأنَّ الشَّرْع سَامَحَ فِي الْقِيَام فِي حَقّ الْمَسْبُوق وَلَمْ يُسَامِح فِي السُّجُود فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْوَاجِب السُّجُود أَفْضَل مِنْ وَاجِب الْقِيَام وَآكَد ، وَكُلّ مَا كَانَ وَاجِبه أَفْضَل كَانَ نَفْله أَفْضَل ، فَيُرَجَّح فَرْض السُّجُود وَنَفْله عَلَى الْقِيَام . قَالَ وَالْجَوَاب أَنَّ الْمُرَاد بِالْحَدِيثَيْنِ سُنَّة الْقِيَام وَسُنَّة السُّجُود ، أَمَّا الْأَوَّل فَلِقَوْلِهِ وَطُول الْقِيَام ، وَطُوله لَيْسَ وَاجِبًا بِالْإِجْمَاعِ ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِقَوْلِهِ فَأَكْثِرُوا فِيهِ مِنْ الدُّعَاء ، وَالْوَاجِب مِنْ السُّجُود لَا يَسْعَ دُعَاء ، فَالْمُرَاد بِالصَّلَاةِ فِي قَوْل السَّائِل أَيّ الصَّلَاة أَفْضَل الصَّلَاة لِأَنَّ الْأَلِف وَاللَّام لِلْعُمُومِ فَيَكُون التَّقْدِير أَيّ سُنَن الصَّلَاة أَفْضَل اِنْتَهَى . قَالَ السُّيُوطِيُّ : وَالْإِشْكَال بَاقٍ .
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
لَا اِخْتِلَاف فِي مَشْرُوعِيَّته لِأَحَدٍ وَإِنَّمَا اِخْتَلَفُوا فِي الْأَفْضَل . قَالَ الشَّافِعِيّ : @
الصفحة 207