كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 4)

إِنَّ الْأَفْضَل فِي صَلَاة اللَّيْل وَالنَّهَار مَثْنَى مَثْنَى . وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة رَحِمَهُ اللَّه الْأَفْضَل فِيهِمَا أَرْبَع أَرْبَع ، وَمَالَ صَاحِبَاهُ فِي اللَّيْل مَثْنَى وَفِي النَّهَار رُبَاع . وَالْأَخْبَار وَرَدَتْ عَلَى أَنْحَاء فَكُلّ أَخَذَ بِمَا يَتَرَجَّح عِنْده . وَمِمَّا يُوَافِق مَذْهَب أَبِي حَنِيفَة مَا وَرَدَ عَنْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا " كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَع رَكَعَات لَا يَفْصِل بَيْنهنَّ بِسَلَامٍ ، رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيّ فِي مُسْنَده ، وَمَا فِي مُسْلِم مِنْ حَدِيث مُعَاذَة : " أَنَّهَا سَأَلَتْ عَائِشَة كَمْ كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى قَالَتْ أَرْبَع رَكَعَات " الْحَدِيث وَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيث عَائِشَة فِي بَيَان صَلَاة اللَّيْل : " يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَل عَنْ حُسْنهنَّ وَطُولهنَّ ثُمَّ أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَل عَنْ حُسْنهنَّ وَطُولهنَّ " الْحَدِيث . فَهَذَا الْفَصْل يُفِيد الْمُرَاد ، وَإِلَّا لَقَالَتْ ثَمَانِيًا فَلَا تَسْأَل . كَذَا ذَكَرَهُ اِبْن الْهُمَام فِي فَتْح الْقَدِير شَرْح الْهِدَايَة . وَفِي رِوَايَة الشَّيْخَيْنِ " قَامَ رَجُل فَقَالَ يَا رَسُول اللَّه كَيْفَ صَلَاة اللَّيْل " وَالْجَوَاب عَنْ هَذَا السُّؤَال يُشْعِر بِأَنَّهُ وَقَعَ عَنْ كَيْفِيَّة الْوَصْل وَالْفَصْل لَا عَنْ مُطْلَق الْكَيْفِيَّة وَمَعْنَى قَوْله مَثْنَى مَثْنَى أَيْ اِثْنَتَيْنِ اِثْنَتَيْنِ ، وَتَكْرَار لَفْظ مَثْنَى مَثْنَى لِلْمُبَالَغَةِ وَقَدْ فَسَّرَ ذَلِكَ اِبْن عُمَر فِي رِوَايَة أَحْمَد وَمُسْلِم عَنْهُ .
1130 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( فَإِذَا خَشِيَ أَحَدكُمْ الصُّبْح )
: اِسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى خُرُوج وَقْت الْوِتْر بِطُلُوعِ الْفَجْر ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى مَشْرُوعِيَّة الْإِيتَار بِرَكْعَةٍ وَاحِدَة عِنْد مَخَافَة هُجُوم الصُّبْح ، وَيَدُلّ أَكْثَر الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة الصَّرِيحَة عَلَى مَشْرُوعِيَّة الْإِيتَار بِرَكْعَةٍ وَاحِدَة مِنْ غَيْر تَقْيِيد . وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ جَمَاعَة مِنْ الْأَئِمَّة ، وَسَيَجِيءُ بَيَانه
( تُوتِر لَهُ )
: أَيْ تَجْعَل تِلْكَ الرَّكْعَة صَلَاته وِتْرًا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَهْ .@

الصفحة 208