كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 4)

مِنْ سَلَف هَذِهِ الْأُمَّة كَانَ يُصَلِّي قَبْل تِلْكَ الصَّلَاة وَلَا بَعْدهَا . قَالَ اِبْن قُدَامَة : وَهُوَ إِجْمَاع كَمَا ذَكَرْنَا عَنْ الزُّهْرِيّ وَعَنْ غَيْره . اِنْتَهَى .
وَيَرُدُّ دَعْوَى الْإِجْمَاع مَا حَكَاهُ التِّرْمِذِيّ عَنْ طَائِفَة مِنْ أَهْل الْعِلْم مِنْ الصَّحَابَة وَغَيْرهمْ أَنَّهُمْ رَأَوْا جَوَاز الصَّلَاة قَبْل صَلَاة الْعِيد وَبَعْدهَا ، وَرَوَى ذَلِكَ الْعِرَاقِيّ عَنْ جَمَاعَة مِنْ الصَّحَابَة وَجَمَاعَة مِنْ التَّابِعِينَ ، وَأَمَّا أَقْوَال التَّابِعِينَ فَرَوَاهَا اِبْن أَبِي شَيْبَة ، وَبَعْضهَا فِي الْمَعْرِفَة لِلْبَيْهَقِيِّ . وَرَوَى اِبْن الْمُنْذِر عَنْ أَحْمَد أَنَّهُ قَالَ : الْكُوفِيُّونَ يُصَلُّونَ بَعْدهَا لَا قَبْلهَا ، وَالْبَصْرِيُّونَ يُصَلُّونَ قَبْلهَا لَا بَعْدهَا ، وَالْمَدَنِيُّونَ لَا قَبْلهَا وَلَا بَعْدهَا ، قَالَ فِي الْفَتْح ، وَبِالْأَوَّلِ قَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَنَفِيّ ، وَبِالثَّانِي قَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ وَجَمَاعَة ، وَبِالثَّالِثِ قَالَ الزُّهْرِيّ وَابْن جُرَيْجٍ وَأَحْمَد ، وَأَمَّا مَالِك فَمَنَعَهُ فِي الْمُصَلَّى ، وَعَنْهُ فِي الْمَسْجِد رِوَايَتَانِ اِنْتَهَى ، وَعَنْ مَالِك وَأَحْمَد أَنَّهُ لَا يُصَلِّي قَبْلهَا وَلَا بَعْدهَا ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَة أَنَّهُ يُصَلِّي بَعْدهَا لَا قَبْلهَا
( تُلْقِي خِرْصهَا )
: هُوَ الْحَلَقَة الصَّغِيرَة مِنْ الْحُلِيّ ، وَفِي الْقَامُوس الْخُرْص بِالضَّمِّ وَيُكْسَر حَلْقَة الذَّهَب وَالْفِضَّة أَوْ حَلْقَة الْقُرْط أَوْ الْحَلْقَة الصَّغِيرَة مِنْ الْحُلِيّ اِنْتَهَى
( وَسِخَابهَا )
: بِسِينٍ مُهْمَلَة مَكْسُورَة بَعْدهَا خَاء مُعْجَمَة ، وَهُوَ خَيْط تُنَظَّم فِيهِ الْخَرَزَات . وَفِي الْقَامُوس أَنَّ السِّخَاب كَكِتَابٍ قِلَادَة مِنْ سُكّ وَقَرَنْفُل وَمَحْلَب بِلَا جَوْهَر . وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : الْخِرْص الْحَلْقَة وَالسِّخَاب الْقِلَادَة . وَفِي الْحَدِيث مِنْ الْفِقْه أَنَّ عَطِيَّة الْمَرْأَة الْبَالِغَة وَصَدَقَتهَا بِغَيْرِ إِذْن زَوْجهَا جَائِزَة مَاضِيَة ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مُفْتَقِرًا إِلَى إِذْن الْأَزْوَاج لَمْ يَكُنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَأْمُرهُنَّ بِالصَّدَقَةِ قَبْل أَنْ يَسْتَأْذِن أَزْوَاجهنَّ فِي ذَلِكَ اِنْتَهَى .@

الصفحة 22