كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 4)

صِفَة الْوَلِيد أَيْ قَالَ عُثْمَان فِي رِوَايَته الْوَلِيد بْن عُقْبَة ، وَأَمَّا النُّفَيْلِيّ فَقَالَ الْوَلِيد بْن عُتْبَة بِالتَّاءِ بَعْد الْعَيْن
( مُتَبَذِّلًا )
: بِتَقْدِيمِ التَّاء عَلَى الْمُوَحَّدَة أَيْ لَابِسًا لِثِيَابِ الْبِذْلَة تَارِكًا لِثِيَابِ الزِّينَة تَوَاضُعًا لِلَّهِ تَعَالَى . التَّبَذُّل وَالِابْتِذَال تَرْك التَّزَيُّن وَالتَّهَيُّؤ بِالْهَيْئَةِ الْحَسَنَة الْجَمِيلَة عَلَى جِهَة التَّوَاضُع
( مُتَضَرِّعًا )
: أَيْ مُظْهِرًا لِلضَّرَاعَةِ ، وَهِيَ التَّذَلُّل عِنْد طَلَب الْحَاجَة
( فَلَمْ يَخْطُب خُطْبَتكُمْ هَذِهِ )
: النَّفْي مُتَوَجِّه إِلَى الْقَيْد لَا إِلَى الْمُقَيَّد كَمَا يَدُلّ عَلَى ذَلِكَ الْأَحَادِيث الْمُصَرِّحَة بِالْخُطْبَةِ ، وَيَدُلّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْله فِي هَذَا الْحَدِيث " فَرَقِيَ الْمِنْبَر وَلَمْ يَخْطُب خُطْبَتكُمْ هَذِهِ " فَإِنَّمَا نَفَى وُقُوع خُطْبَة مِنْهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُشَابَهَة لِخُطْبَةِ الْمُخَاطَبِينَ ، وَلَمْ يَنْفِ وُقُوع مُطْلَق الْخُطْبَة مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ ، فَلَا يَصِحّ التَّمَسُّك بِهِ لِعَدَمِ مَشْرُوعِيَّة الْخُطْبَة . وَقَالَ الزَّيْلَعِيّ : مَفْهُوم الْحَدِيث أَنَّهُ خَطَبَ لَكِنَّهُ لَمْ يَخْطُب كَمَا يَفْعَل فِي الْجُمُعَة وَلَكِنَّهُ خَطَبَ الْخُطْبَة وَاحِدَة ، فَلِذَلِكَ نَفَى النَّوْع وَلَمْ يَنْفِ الْجِنْس ، وَلَمْ يُرْوَ أَنَّهُ خَطَبَ خُطْبَتَيْنِ فَلِذَلِكَ قَالَ أَبُو يُوسُف يَخْطُب خُطْبَة وَاحِدَة ، وَمُحَمَّد يَقُول يَخْطُب خُطْبَتَيْنِ وَلَمْ أَجِد لَهُ شَاهِدًا اِنْتَهَى
( ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ )
: فِيهِ دَلِيل عَلَى اِسْتِحْبَاب الصَّلَاة لَمْ يُخَالِف فِيهِ إِلَّا الْحَنَفِيَّة
( كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيد )
: تَمَسَّكَ بِهِ الشَّافِعِيّ وَمَنْ مَعَهُ فِي مَشْرُوعِيَّة التَّكْبِير فِي صَلَاة الِاسْتِسْقَاء كَتَكْبِيرِ الْعِيد وَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُور عَلَى أَنَّ الْمُرَاد كَصَلَاةِ الْعِيد فِي عَدَد@

الصفحة 28