كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 4)

1252 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( يُقَالُ )
: أَيْ عِنْدَ دُخُولِ الْجَنَّة
( لِصَاحِبِ الْقُرْآن )
: أَيْ مَنْ يُلَازِمُهُ بِالتِّلَاوَةِ وَالْعَمَل لَا مَنْ يَقْرَؤُهُ وَلَا يَعْمَلُ بِهِ
( اِقْرَأْ وَارْتَقِ )
: أَيْ إِلَى دَرَجَات الْجَنَّة أَوْ مَرَاتِب الْقُرَبِ
( وَرَتِّلْ )
: أَيْ لَا تَسْتَعْجِلْ فِي قِرَاءَتِك فِي الْجَنَّة الَّتِي هِيَ لِمُجَرَّدِ التَّلَذُّذِ وَالشُّهُودِ الْأَكْبَرِ كَعِبَادَةِ الْمَلَائِكَةِ
( كَمَا كُنْت تُرَتِّلُ )
: أَيْ فِي قِرَاءَتِك ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْجَزَاءَ عَلَى وَفْقِ الْأَعْمَال كَمْيَّة وَكَيْفِيَّة
( فِي الدُّنْيَا )
: مِنْ تَجْوِيدِ الْحُرُوفِ وَمَعْرِفَة الْوُقُوف
( فَإِنَّ مَنْزِلَك عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا )
: وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيث أَنَّ دَرَجَاتِ الْجَنَّة عَلَى عَدَد آيَات الْقُرْآنِ ، وَجَاءَ فِي حَدِيث مَنْ أَهْل الْقُرْآن فَلَيْسَ فَوْقَهُ دَرَجَةٌ ، فَالْقُرَّاءُ يَتَصَاعَدُونَ بِقَدْرِهَا . قَالَ الدَّانِيّ : وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ عَدَد آي الْقُرْآن سِتَّة آلَاف آيَة ثُمَّ اِخْتَلَفُوا فِيمَا زَادَ فَقِيلَ وَمِائَتَا آيَة وَأَرْبَع آيَات ، وَقِيلَ وَأَرْبَع عَشْرَة ، وَقِيلَ وَتِسْع عَشْرَة ، وَقِيلَ وَخَمْس وَعِشْرُونَ ، وَقِيلَ وَسِتّ وَثَلَاثُونَ اِنْتَهَى .
وَيُؤْخَذ مِنْ الْحَدِيث أَنَّهُ لَا يُنَالُ هَذَا الثَّوَاب الْأَعْظَم إِلَّا مَنْ حَفِظَ الْقُرْآنَ وَأَتْقَنَ أَدَاءَهُ وَقِرَاءَتَهُ كَمَا يَنْبَغِي لَهُ . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : جَاءَ فِي الْأَثَرِ عِدَاد آي الْقُرْآن عَلَى قَدْر دَرَج الْجَنَّة ، يُقَالُ لِلْقَارِئِ اِقْرَأْ وَارْتَقِ الدَّرَج عَلَى قَدْر مَا تَقْرَأ مِنْ آي الْقُرْآنِ ، فَمَنْ اِسْتَوْفَى قِرَاءَةَ جَمِيعِ الْقُرْآنِ اِسْتَوْلَى عَلَى أَقْصَى دَرَجِ الْجَنَّةِ ، وَمَنْ قَرَأَ جُزْءً مِنْهَا كَانَ رُقِيُّهُ مِنْ الدَّرَجِ عَلَى قَدْر ذَلِكَ ، فَيَكُونُ مُنْتَهَى الثَّوَابِ عِنْدَ@

الصفحة 338