كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 4)

فِي قِرَاءَته : قَالَ الْقَاضِي : أَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى اِسْتِحْبَاب تَحْسِين الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ وَتَرْتِيلِهِمَا . قَالَ أَبُو عُبَيْد : وَالْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي ذَلِكَ مَحْمُولَةٌ عَلَى التَّشْوِيقِ . قَالَ وَاخْتَلَفُوا فِي الْقِرَاءَة بِالْأَلْحَانِ فَكَرِهَهَا مَالِكٌ وَالْجُمْهُورُ لِخُرُوجِهَا عَمَّا جَاءَ الْقُرْآنُ لَهُ مِنْ الْخُشُوع وَالْتَفَّهُمْ ، وَأَبَاحَهَا أَبُو حَنِيفَةَ وَجَمَاعَة مِنْ السَّلَف لِلْأَحَادِيثِ وَلِأَنَّ ذَلِكَ سَبَبٌ لِلرِّقَّةِ وَإِثَارَة الْخَشْيَة وَإِقْبَال النُّفُوس عَلَى اِسْتِمَاعِهِ . قُلْت : قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ أَكْرَهُ الْقِرَاءَةَ بِالْأَلْحَانِ ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ لَا أَكْرَهُهَا . قَالَ أَصْحَابُنَا لَيْسَ لَهُ فِيهَا خِلَافٌ وَإِنَّمَا هُوَ اِخْتِلَاف حَالَيْنِ ، فَحَيْثُ كَرِهَهَا أَرَادَ إِذَا مَطَّطَ وَأَخْرَجَ الْكَلَام عَنْ مَوْضِعه بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ أَوْ مَدَّ غَيْر مَمْدُود أَوْ إِدْغَام مَا لَا يَجُوزُ إِدْغَامُهُ وَنَحْو ذَلِكَ ، وَحَيْثُ أَبَاحَهَا أَرَادَ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا تَغَيُّرٌ لِمَوْضُوعِ الْكَلَام وَاَللَّه أَعْلَم اِنْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ . وَمُغَفَّل بِضَمِّ الْمِيم وَفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَبَعْدهَا فَاء مُشَدَّدَة مَفْتُوحَة وَلَام .
1256 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( زَيِّنُوا الْقُرْآن بِأَصْوَاتِكُمْ )
: قَالَ الْخَطَّابِيُّ : مَعْنَاهُ زَيِّنُوا أَصْوَاتَكُمْ بِالْقُرْآنِ ، هَكَذَا فَسَّرَهُ غَيْر وَاحِد مِنْ أَئِمَّة الْحَدِيث ، وَزَعَمُوا أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْمَقْلُوبِ كَمَا يُقَالُ عَرَضْت الْحَوْضَ عَلَى النَّاقَةِ قَالَ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ مَنْصُور عَنْ طَلْحَةَ فَقَدَّمَ الْأَصْوَات عَلَى الْقُرْآن وَهُوَ الصَّحِيح ، ثُمَّ أَسْنَدَ مِنْ طَرِيق عَبْد الرَّازِق حَدَّثَنَا مَعْمَر عَنْ مَنْصُور عَنْ طَلْحَة عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْسَجَة عَنْ الْبَرَاء بْن عَازِب أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ قَالَ : " زَيِّنُوا أَصْوَاتَكُمْ بِالْقُرْآنِ " وَالْمَعْنَى اِشْغَلُوا أَصْوَاتَكُمْ بِالْقُرْآنِ وَالْهَجُوا بِقِرَاءَتِهِ وَاِتَّخِذُوهُ شِعَارًا وَزِينَة . وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى هَذِهِ @

الصفحة 341