كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 4)

مَفْتُوحَة الْأَلِفِ وَالذَّالِ . قَالَ الشَّاعِرُ : إِنَّ هَمِّي فِي سَمَاعٍ وَأَذَن . اِنْتَهَى .
قَالَ فِي النِّهَايَة : أَيْ مَا اِسْتَمَعَ اللَّه لِشَيْءِ كَاسْتِمَاعِهِ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ أَيْ يَتْلُوهُ وَيَجْهَرُ بِهِ ، يُقَالُ مِنْهُ أَذِنَ يَأْذَنَ أَذَنًا بِالتَّحْرِيكِ اِنْتَهَى .
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : قَوْلُهُ يَجْهَر بِهِ ، زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ يَتَغَنَّى بِهِ ، قَالَ وَكُلُّ مَنْ رَفَعَ صَوْته بِشَيْءٍ مُعْلِنًا بِهِ ، فَقَدْ تَغَنَّى بِهِ ، وَهَذَا وَجْه رَابِعٌ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ " وَقَالَ النَّوَوِيُّ : مَعْنَى أَذِنَ فِي اللُّغَةِ الِاسْتِمَاعُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى : { وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا } قَالُوا وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُحْمَلَ هَاهُنَا عَلَى الِاسْتِمَاع بِمَعْنَى الْإِصْغَاء ، فَإِنَّهُ يَسْتَحِيلُ عَلَى اللَّه تَعَالَى ، بَلْ هُوَ مَجَازٌ وَمَعْنَاهُ الْكِنَايَة عَنْ تَقْرِيبِهِ لِلْقَارِئِ وَإِجْزَالِ ثَوَابِهِ لِأَنَّ سَمَاعَ اللَّه تَعَالَى لَا يَخْتَلِفُ فَوَجَبَ تَأْوِيلُهُ . وَقَوْلُهُ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ مَعْنَاهُ عِنْد الشَّافِعِيّ وَأَصْحَابه وَأَكْثَر الْعُلَمَاء مِنْ الطَّوَائِف وَأَصْحَاب الْفُنُون يُحَسِّنُ صَوْته بِهِ ، وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَة الْأُخْرَى يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ
قَالَ الْمُنْذِرِيّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ .
1260 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( مَا مِنْ اِمْرِئٍ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ ثُمَّ يَنْسَاهُ )
: أَيْ بِالنَّظَرِ أَوْ بِالْغَيْبِ أَوْ الْمَعْنَى ثُمَّ يَتْرُكُ قِرَاءَته نَسِيَ أَوْ مَا نَسِيَ
( إِلَّا لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَجْذَم )
: أَيْ سَاقِطَ الْأَسْنَانِ أَوْ عَلَى هَيْئَة الْمَجْذُومِ ، أَوْ لَيْسَتْ لَهُ يَدًا ، أَوْ لَا يَجِدُ شَيْئًا يَتَمَسَّكُ بِهِ فِي عُذْرِ النِّسْيَان أَوْ يَنْكَسِرُ رَأْسُهُ بَيْن يَدَيْ اللَّه حَيَاءً وَخَجَالَةً مِنْ نِسْيَان كَلَامه الْكَرِيم@

الصفحة 344