كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 4)

الثَّانِي : التَّغْيِيرُ بِالْجَمْعِ وَالتَّوْحِيدِ كَكُتُبِهِ وَكِتَابِهِ .
الثَّالِثُ : بِالِاخْتِلَافِ فِي التَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ كَمَا فِي يَكُنْ وَتَكُنْ .
الرَّابِع : الِاخْتِلَافُ التَّصْرِيفِيّ كَالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ نَحْو يَكْذِبُونَ وَيُكَذِّبُونَ وَالْفَتْح وَالْكَسْر نَحْو يَقْنَط وَيَقْنِط .
الْخَامِس : الِاخْتِلَاف الْإِعْرَابِيّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى { ذُو الْعَرْش الْمَجِيدُ } بِرَفْعِ الذَّال وَجَرِّهَا .
السَّادِس : اِخْتِلَافُ الْأَدَاةِ نَحْو { لَكِنَّ الشَّيَاطِين } بِتَشْدِيدِ النُّونِ وَتَخْفِيفهَا .
السَّابِع : اِخْتِلَاف اللُّغَات كَالتَّفْخِيمِ وَالْإِمَالَة وَإِلَّا فَلَا يُوجَدُ فِي الْقُرْآن كَلِمَة تُقْرَأُ عَلَى سَبْعَة أَوْجُهٍ إِلَّا الْقَلِيل مِثْل عَبَدَ الطَّاغُوت وَلَا تَقُلْ أُفّ لَهُمَا ، وَهَذَا كُلُّهُ تَيْسِير عَلَى الْأُمَّة الْمَرْحُومَة ، وَلِذَا قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ )
: أَيْ مِنْ أَنْوَاع الْقِرَاءَات بِخِلَافِ قَوْله تَعَالَى : { فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ } فَإِنَّ الْمُرَاد بِهِ الْأَعَمُّ مِنْ الْمِقْدَار وَالْجِنْس وَالنَّوْع . وَالْحَاصِل أَنَّهُ أَجَازَ بِأَنْ يَقْرَءُوا مَا ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّوَاتُرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَة أَحْرُف ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَاد بِالسَّبْعَةِ التَّكْثِير لَا التَّحْدِيد ، فَإِنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ عَلَى قَوْل مِنْ الْأَقْوَال لِأَنَّهُ قَالَ النَّوَوِيّ فِي شَرْح مُسْلِم أَصَحّ الْأَقْوَال وَأَقْرَبهَا إِلَى مَعْنَى الْحَدِيث قَوْل مَنْ قَالَ هِيَ كَيْفِيَّة النُّطْق بِكَلِمَاتِهَا مِنْ إِدْغَام وَإِظْهَار وَتَفْخِيم وَتَرْقِيق وَإِمَالَة وَمَدّ وَقَصْر وَتَلْيِين ، لِأَنَّ الْعَرَب كَانَتْ مُخْتَلِفَة اللُّغَات فِي هَذِهِ الْوُجُوه فَيَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ لِيَقْرَأَ كُلٌّ بِمَا يُوَافِقُ لُغَتَهُ وَيَسْهُلُ عَلَى لِسَانِهِ . اِنْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ . قَالَ الْقَارِيّ : وَفِيهِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ عَلَى إِطْلَاقِهِ ، فَإِنَّ الْإِدْغَام مَثَلًا فِي مَوَاضِع لَا يَجُوزُ الْإِظْهَار فِيهَا وَفِي مَوَاضِع لَا يَجُوزُ الْإِدْغَام فِيهَا وَكَذَلِكَ الْبَوَاقِي . وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ اِخْتِلَاف اللُّغَات لَيْسَ مُنْحَصِرًا فِي هَذِهِ الْوُجُوه لِوُجُوهِ إِشْبَاع مِيمِ الْجَمْعِ وَقَصْره وَإِشْبَاع هَاء الضَّمِير وَتَرْكه مِمَّا هُوَ مُتَّفِقٌ عَلَى بَعْضه وَمُخْتَلِف فِي بَعْضه@

الصفحة 347