كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 4)

( قَالَ رَبُّكُمْ اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ )
: قِيلَ اِسْتَدَلَّ بِالْآيَةِ عَلَى أَنَّ الدُّعَاءَ عِبَادَةٌ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ وَالْمَأْمُورُ بِهِ عِبَادَةٌ .
وَقَالَ الْقَاضِي : اِسْتَشْهَدَ بِالْآيَةِ لِدَلَالَتِهَا عَلَى أَنَّ الْمَقْصُود يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ تَرْتِيبُ الْجَزَاء عَلَى الشَّرْط وَالْمُسَبَّب عَلَى السَّبَب وَيَكُونُ أَتَمَّ الْعِبَادَات ، وَيَقْرَبُ مِنْ هَذَا قَوْلُهُ " مُخّ الْعِبَادَة " أَيْ خَالِصهَا . وَقَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّه : يُمْكِنُ أَنْ تُحْمَل الْعِبَادَةُ عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَهُوَ غَايَةُ التَّذَلُّلِ وَالِافْتِقَارِ وَالِاسْتِكَانَة ، وَمَا شُرِعَتْ الْعِبَادَةُ إِلَّا لِلْخُضُوعِ لِلْبَارِئِ وَإِظْهَار الِافْتِقَار إِلَيْهِ ، وَيَنْصُرُ هَذَا التَّأْوِيل مَا بَعْد الْآيَة الْمَتْلُوَّة { إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } حَيْثُ عَبَّرَ عَنْ عَدَم الِافْتِقَار وَالتَّذَلُّل بِالِاسْتِكْبَارِ ، وَوَضَعَ عِبَادَتِي مَوْضِع دُعَائِي ، وَجَعَلَ جَزَاء ذَلِكَ الِاسْتِكْبَار الْهَوَان وَالصِّغَار . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْن مَاجَهْ ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَن صَحِيحٌ .
1265 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( عَنْ أَبِي نَعَامَة )
: بِفَتْحِ النُّون اِسْمه عِيسَى بْن سِوَادَة ثِقَةٌ
( وَبَهْجَتهَا )
: الْبَهْجَة الْحُسْن
( وَسَلَاسِلهَا )
: جَمْع سِلْسِلَة
( وَأَغْلَالهَا )
: جَمْع غُلّ بِالضَّمِّ يُقَالُ فِي رَقَبَته غُلّ مِنْ حَدِيد
( يَعْتَدُّونَ فِي الدُّعَاء )
: أَيْ يَتَجَاوَزُونَ وَيُبَالِغُونَ فِي الدُّعَاء
( فَإِيَّاكَ )@

الصفحة 353