كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 4)

1276 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( الْأَحَد )
: أَيْ بِالذَّاتِ وَالصِّفَات
( الصَّمَد )
: أَيْ الْمَطْلُوب الْحَقِيقِيّ
( إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ )
: السُّؤَال أَنْ يَقُولَ الْعَبْدُ أَعْطِنِي فَيُعْطَى ، وَالدُّعَاء أَنْ يُنَادِيَ وَيَقُولَ يَا رَبُّ فَيُجِيبُ الرَّبُّ تَعَالَى وَيَقُولُ لَبَّيْكَ يَا عَبْدِي ، فَفِي مُقَابَلَة السُّؤَال الْإِعْطَاء ، وَفِي مُقَابَلَة الدُّعَاء الْإِجَابَة ، وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَيُذْكَرُ أَحَدُهُمَا مَقَامَ الْآخَرِ أَيْضًا . وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ أَقْوَال مِنْ الْعُلَمَاء فِي الِاسْم الْأَعْظَم فَقَالَ قَائِل إِنَّ أَسْمَاءَ اللَّه تَعَالَى كُلَّهَا عَظِيمَةٌ لَا يَجُوزُ تَفْضِيلُ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ وَيُنْسَبُ هَذَا إِلَى الْأَشْعَرِيّ وَالْبَاقِلَّانِيّ وَغَيْرهمَا ، وَحَمَلَ هَؤُلَاءِ مَا وَرَدَ فِي ذِكْر الِاسْم الْأَعْظَم عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْعَظِيمُ . وَقَالَ اِبْنُ حِبَّانَ الْأَعْظَمِيَّة الْوَارِدَةُ فِي الْأَخْبَارِ الْمُرَاد بِهَا مَزِيد ثَوَاب الدَّاعِي بِذَلِكَ . قَالَهُ عَبْد الْحَقِّ الدَّهْلَوِيُّ فِي اللُّمَعَاتِ . وَقَالَ الطِّيبِيُّ : وَفِي الْحَدِيث دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ لِلَّهِ تَعَالَى اِسْمًا أَعْظَمَ إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ وَأَنَّ ذَلِكَ مَذْكُورٌ هَاهُنَا ، وَفِيهِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ قَالَ كُلُّ اِسْمٍ ذُكِرَ بِإِخْلَاصٍ تَامٍّ مَعَ الْإِعْرَاضِ عَمَّا سِوَاهُ هُوَ اِسْم الْأَعْظَم إِذْ لَا شَرَفَ لِلْحُرُوفِ . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ . وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ . وَقَالَ شَيْخُنَا الْحَافِظ أَبُو الْحَسَن الْمَقْدِسِيُّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَهُوَ إِسْنَاد لَا مَطْعَنَ فِيهِ وَلَا أَعْلَمُ أَنَّهُ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَاب حَدِيث أَجْوَدَ إِسْنَادًا مِنْهُ ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ مَذْهَبِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى نَفْيِ الْقَوْلِ بِأَنَّ لِلَّهِ اِسْمًا هُوَ الِاسْم الْأَعْظَم@

الصفحة 362