كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 4)

وَقَالَ اِبْن بَطَّال : مَعْنَاهُ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام أُخِّرَ عَنْ غَيْرِهِ فِي الْبَعْث وَقُدِّمَ عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَة بِالشَّفَاعَةِ وَغَيْرهَا كَقَوْلِهِ " نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ " نَقَلَهُ مَيْرَك قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيث صَحِيح .
1291 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( يَدْعُو رَبِّ أَعِنِّي )
: أَيْ وَفِّقْنِي لِذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتك
( وَلَا تُعِنْ عَلَيَّ )
: أَيْ لَا تُغَلِّبْ عَلَيَّ مَنْ يَمْنَعُنِي مِنْ طَاعَتِك مِنْ شَيَاطِين الْإِنْس وَالْجِنّ
( وَانْصُرْنِي وَلَا تَنْصُرْ عَلَيَّ )
: أَيْ أَغْلِبْنِي عَلَى الْكُفَّارِ وَلَا تُغَلِّبْهُمْ عَلَيَّ أَوْ اُنْصُرْنِي عَلَى نَفْسِي فَإِنَّهَا أَعْدَى أَعْدَائِي وَلَا تَنْصُرْ النَّفْسَ الْأَمَارَةَ عَلَيَّ بِأَنْ أَتَّبِعَ الْهَوَى وَأَتْرُكَ الْهُدَى
( وَامْكُرْ لِي وَلَا تَمْكُرْ عَلَيَّ )
: قَالَ الطِّيبِيُّ : الْمَكْرُ الْخِدَاعُ وَهُوَ مِنْ اللَّه إِيقَاع بَلَائِهِ بِأَعْدَائِهِ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ ، وَقِيلَ اِسْتِدْرَاج الْعَبْد بِالطَّاعَةِ فَيَتَوَهَّمُ أَنَّهَا مَقْبُولَةٌ وَهِيَ مَرْدُودَةٌ .
وَقَالَ اِبْن الْمَلَك : الْمَكْر الْحِيلَة وَالْفِكْر فِي دَفْع عَدُوّ بِحَيْثُ لَا يَشْعُرُ بِهِ الْعَدُوُّ ، فَالْمَعْنَى اللَّهُمَّ اِهْدِنِي إِلَى طَرِيق دَفْع أَعْدَائِي عَنِّي وَلَا تَهْدِ عَدُوِّي إِلَى طَرِيق دَفْعِهِ إِيَّايَ عَنْ نَفْسِي
( وَاهْدِنِي )
: أَيْ دُلَّنِي عَلَى الْخَيْرَات أَوْ عَلَى عُيُوبِ نَفْسه
( وَيَسِّرْ هُدَايَ إِلَيَّ )
: أَيْ سَهِّلْ اِتِّبَاعَ الْهِدَايَة أَوْ طُرُقَ الدَّلَالَة لِي حَتَّى لَا أَسْتَثْقِل الطَّاعَةَ وَلَا أَشْتَغِل عَنْ الْعِبَادَة
( وَانْصُرْنِي )
: أَيْ بِالْخُصُوصِ
( عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيَّ )
: أَيْ ظَلَمَنِي وَتَعَدَّى عَلَيَّ ، وَهَذَا تَخْصِيص لِقَوْلِهِ وَانْصُرْنِي فِي الْأَوَّل
( لَك شَاكِرًا )
: قَدَّمَ الْمُتَعَلِّقَ لِلِاهْتِمَامِ وَالِاخْتِصَاص أَوْ لِتَحْقِيقِ مَقَام الْإِخْلَاص@

الصفحة 375