كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 4)

1319 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ فِتْنَة النَّار )
: أَيْ فِتْنَة تُؤَدِّي إِلَى النَّار لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِفِتْنَةِ النَّار سُؤَال الْخَزَنَة عَلَى سَبِيل التَّوْبِيخ ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَة بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْج سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِير }
( وَعَذَاب النَّار )
: أَيْ مِنْ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْل النَّار وَهُمْ الْكُفَّارُ فَإِنَّهُمْ هُمْ الْمُعَذَّبُونَ ، وَأَمَّا الْمُوَحِّدُونَ فَإِنَّهُمْ مُؤَدَّبُونَ وَمُهَذَّبُونَ بِالنَّارِ لَا مُعَذَّبُونَ بِهَا
( وَمَنْ شَرِّ الْغِنَى )
: وَهُوَ الْبَطَر وَالطُّغْيَان ، وَتَحْصِيل الْمَال مِنْ الْحَرَام وَصَرْفه فِي الْعِصْيَان ، وَالتَّفَاخُر بِالْمَالِ وَالْجَاه
( وَالْفَقْر )
: هُوَ الْحَسَد عَلَى الْأَغْنِيَاء وَالطَّمَع فِي أَمْوَالهمْ ، وَالتَّذَلُّل بِمَا يُدَنِّسُ الْعِرْضَ وَيَثْلِمُ الدِّينَ ، وَعَدَم الرِّضَا بِمَا قَسَمَ اللَّه لَهُ وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا لَا تُحْمَدُ عَاقِبَتُهُ . وَقِيلَ الْفِتْنَةُ هُنَا الِابْتِلَاء وَالِامْتِحَان أَيْ مِنْ بَلَاء الْغِنَى وَبَلَاء الْفَقْر أَيْ مِنْ الْغِنَى وَالْفَقْر الَّذِي يَكُونُ بَلَاء وَمَشَقَّة ، ذَكَرَهُ فِي الْمِرْقَاة
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ بِنَحْوِهِ أَتَمَّ مِنْهُ .
1320 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْفَقْر )
: أَيْ مِنْ قَلْب حَرِيص عَلَى جَمْع الْمَال أَوْ مِنْ الَّذِي يُفْضِي بِصَاحِبِهِ إِلَى كُفْرَان النِّعْمَة فِي الْمَال وَنِسْيَان ذِكْر الْمُنْعِم الْمُتَعَالِ . وَقَالَ الطِّيبِيُّ : أَرَادَ فَقْر النَّفْس أَعْنِي الشَّرَه الَّذِي يُقَابِلُ غِنَى النَّفْس الَّذِي هُوَ قَنَاعَتُهَا@

الصفحة 403