كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 4)

( وَالْقِلَّة )
: الْقِلَّة فِي أَبْوَاب الْبِرّ وَخِصَال الْخَيْر ، لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة السَّلَام كَانَ يُؤْثِرُ الْإِقْلَالَ فِي الدُّنْيَا وَيَكْرَهُ الِاسْتِكْثَار مِنْ الْأَعْرَاض الْفَانِيَة
( وَالذِّلَّة )
: أَيْ مِنْ أَنْ أَكُونَ ذَلِيلًا فِي أَعْيُنِ النَّاسِ بِحَيْثُ يَسْتَخِفُّونَهُ وَيُحَقِّرُونَ شَأْنه ، وَالْأَظْهَر أَنَّ الْمُرَاد بِهَا الذِّلَّة الْحَاصِلَة مِنْ الْمَعْصِيَة أَوْ التَّذَلُّل لِلْأَغْنِيَاءِ عَلَى وَجْه الْمَسْكَنَة وَالْمُرَاد بِهَذِهِ الْأَدْعِيَة تَعْلِيم الْأُمَّة . قَالَ الطِّيبِيُّ : أَصْلُ الْفَقْرِ كَسْر فَقَار الظَّهْر ، وَالْفَقْر يُسْتَعْمَلُ عَلَى أَرْبَعَة أَوْجُه ، الْأَوَّلُ : وُجُود الْحَالَة الضَّرُورِيَّة ، وَذَلِكَ عَامٌّ لِلْإِنْسَانِ مَا دَامَ فِي الدُّنْيَا ، بَلْ عَامٌّ فِي الْمَوْجُودَات كُلِّهَا ، وَعَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى { يَا أَيُّهَا النَّاس أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّه } وَالثَّانِي : عَدَمُ الْمُقْتَنَيَات وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي قَوْله تَعَالَى { لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيل اللَّه } وَإِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ . وَالثَّالِث : فَقْر النَّفْس وَهُوَ الْمُقَابِل بِقَوْلِهِ الْغِنَى غِنَى النَّفْس وَالْمَعْنَى بِقَوْلِهِمْ مِنْ عَدَم الْقَنَاعَة لَمْ يُفِدْهُ الْمَال غِنًى . الرَّابِعُ : الْفَقْر إِلَى اللَّه الْمُشَار إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ : اللَّهُمَّ اِغْنَنِي بِالِافْتِقَارِ إِلَيْك وَلَا تُفْقِرْنِي بِالِاسْتِغْنَاءِ عَنْك ، وَإِيَّاهُ عَنَى تَعَالَى بِقَوْلِهِ { رَبّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْت إِلَيَّ مِنْ خَيْر فَقِير } وَالْمُسْتَعَاذُ مِنْهُ فِي الْحَدِيث هُوَ الْقِسْم الثَّالِث ، وَإِنَّمَا اِسْتَعَاذَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْفَقْر الَّذِي هُوَ فَقْر النَّفْس لَا قِلَّة الْمَال
( مِنْ أَنْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ )
: مَعْلُوم وَمَجْهُول ، وَالظُّلْم وَضْع الشَّيْء فِي غَيْر مَوْضِعه أَوْ التَّعَدِّي فِي حَقّ غَيْره
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ مِنْ حَدِيث جَعْفَر بْن عِيَاض عَنْ أَبِي هُرَيْرَة .
1321 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( مِنْ زَوَال نِعْمَتك )
: أَيْ نِعْمَة الْإِسْلَام وَالْإِيمَان وَمِنْحَة الْإِحْسَان وَالْعِرْفَان@

الصفحة 404