كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 4)

1323 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْجُوع )
: أَيْ الْأَلَم الَّذِي يَنَالُ الْحَيَوَان مِنْ خُلُوّ الْمَعِدَة مِنْ الْغِذَاء وَيُؤَدِّي تَارَة إِلَى الْمَرَض وَتَارَة إِلَى الْمَوْت
( فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيع )
: أَيْ الْمَضَاجِع وَهُوَ مَا يُلَازِمُ صَاحِبه فِي الْمَضْجَع . كَذَا فِي الْمِرْقَاة . وَقَالَ السِّنْدِيُّ : وَالضَّجِيع بِفَتْحِ فَكَسْر مَنْ يَنَامُ فِي فِرَاشك أَيْ بِئْسَ الصِّحَاب الْجُوعُ الَّذِي يَمْنَعُك مِنْ وَظَائِف الْعِبَادَات كَالسُّجُودِ وَالرُّكُوع . وَقَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : الْجُوع يُضْعِفُ الْقُوَى وَيُشَوِّشُ الدِّمَاغ فَيُثِيرُ أَفْكَارًا رَدِيَّةً وَخَيَّالَات فَاسِدَة ، فَيُخِلُّ بِوَظَائِف الْعِبَادَات وَالْمُرَاقَبَات وَلِذَلِكَ خَصَّ بِالضَّجِيعِ الَّذِي يُلَازِمُهُ لَيْلًا وَمِنْ ثَمَّ حَرَّمَ الْوِصَال . وَقَدْ يُسْتَدَلُّ بِهَذَا الْحَدِيث لِمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْجُوع الْمُجَرَّد لَا ثَوَاب فِيهِ
( وَأَعُوذُ مِنْ بِك الْخِيَانَة )
: وَهِيَ ضِدّ الْأَمَانَة . قَالَ الطِّيبِيُّ : هِيَ مُخَالَفَة الْحَقّ بِنَقْضِ الْعَهْد فِي السِّرّ وَالْأَظْهَر أَنَّهَا شَامِلَة لِجَمِيعِ التَّكَالِيف الشَّرْعِيَّة كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَة } الْآيَة ، وَقَوْله تَعَالَى { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّه وَرَسُوله وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ } شَامِل لِجَمِيعِهَا
( فَإِنَّهَا بِئْسَ الْبِطَانَة )
: أَيْ الْخَصْلَة الْبَاطِنَة هِيَ ضِدّ الظَّاهِرَة ، وَأَصْلهَا فِي الثَّوْب فَاسْتُعِيرَ لِمَا يَسْتَبْطِنُهُ الْإِنْسَان مِنْ أَمْره وَيَجْعَلُهُ بِطَانَة حَاله . قَالَ فِي الْمُغْرِب : بِطَانَة الرَّجُل أَهْله أَوْ خَاصَّته مُسْتَعَارَة مِنْ بِطَانَة الثَّوْب ، قَالَهُ فِي الْمِرْقَاة ، قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَفِي إِسْنَاده مُحَمَّد بْن عَجْلَان وَفِيهِ مَقَالٌ .@

الصفحة 406