كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 4)

كَمَا سَيَجِيءُ بَيَانُهُ . وَفِي رِوَايَة أُخْرَى عَنَاقًا مَكَان عِقَالًا
( فَوَاَللَّهِ مَا هُوَ )
: أَيْ الشَّأْن أَوْ سَبَب رُجُوعِي إِلَى رَأْي أَبِي بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ
( إِلَّا أَنْ رَأَيْت )
: أَيْ عَلِمْت وَأَيْقَنْت
( شَرَحَ )
: أَيْ فَتَحَ وَوَسَّعَ وَلَيَّنَ
( لِلْقِتَالِ )
: مَعْنَاهُ عَلِمْت أَنَّهُ جَازِم بِالْقِتَالِ لِمَا أَلْقَى اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى فِي قَلْبه مِنْ الطُّمَأْنِينَة لِذَلِكَ وَاسْتِصْوَابه ذَلِكَ
( فَعَرَفْت أَنَّهُ )
: أَيْ رَأْي أَبِي بَكْر أَوْ الْقِتَال
( الْحَقّ )
: أَيْ بِمَا أَظْهَرَ مِنْ الدَّلِيل وَإِقَامَة الْحُجَّة فَعَرَفْت بِذَلِكَ أَنَّ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَنَّهُ الْحَقُّ . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : إِنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ آخِرَ كَلَامه عِنْد وَفَاته قَوْله " الصَّلَاة وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ " لِيَعْقِل أَنَّ فَرْض الزَّكَاة قَائِم كَفَرْضِ الصَّلَاة ، وَأَنَّ الْقَائِم بِالصَّلَاةِ هُوَ الْقَائِم بِأَخْذِ الزَّكَاة ، وَلِذَلِكَ قَالَ أَبُو بَكْر : وَاَللَّه لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْن الصَّلَاة وَالزَّكَاةِ . اِسْتِدْلَالًا بِهَذَا مَعَ سَائِر مَا عَقَلَ مِنْ أَنْوَاع الْأَدِلَّةِ عَلَى وُجُوبِهَا .
وَفِي هَذَا الْحَدِيث حُجَّةٌ لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَسَائِر الْعِبَادَات وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ إِذَا كَانُوا مُقَاتَلِينَ عَلَى الصَّلَاة وَالزَّكَاة فَقَدْ عُقِلَ أَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِهَا . وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الرِّدَّة لَا تُسْقِطُ عَنْ الْمُرْتَدِّ الزَّكَاة الْوَاجِبَةَ فِي أَمْوَالِهِ اِنْتَهَى كَلَامُهُ . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ . قَالَ أَبُو عُبَيْدَة : مِنْ قَوْله قَالَ أَبُو دَاوُدَ إِلَى قَوْله سَنَتَيْنِ وُجِدَ فِي نُسْخَة وَاحِدَة . قَالَ النَّوَوِيُّ : اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا فِيهَا ، فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِقَالِ زَكَاة عَامٍ وَهُوَ مَعْرُوفٌ فِي اللُّغَة بِذَلِكَ ، وَهُوَ قَوْلُ الْكِسَائِيُّ وَالنَّضْر @

الصفحة 416