كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 4)

قَالَ الطِّيبِيُّ : وَيَتَأَتَّى هَذَا فِي صُوَر أَرْبَع أَشَارَ إِلَيْهَا الْقَاضِي بِقَوْلِهِ الظَّاهِر أَنَّهُ نَهْي لِلْمَالِكِ عَنْ الْجَمْع وَالتَّفْرِيق قَصْدًا إِلَى سُقُوط الزَّكَاة أَوْ تَقْلِيلِهَا . كَمَا إِذَا كَانَ لَهُ أَرْبَعُونَ شَاة فَيَخْلِطُهَا بِأَرْبَعِينَ لِغَيْرِهِ لِيَعُودَ وَاجِبه مِنْ شَاة إِلَى نِصْفهَا ، وَكَمَا إِذَا كَانَ لَهُ عِشْرُونَ مَخْلُوطَة بِمِثْلِهَا فَفَرَّقَهَا لِئَلَّا يَكُونَ نِصَابًا فَلَا يَجِبُ شَيْء ، وَهُوَ قَوْل أَكْثَر أَهْل الْعِلْم ، وَقَدْ نُهِيَ السَّاعِي أَنْ يُفَرِّقَ الْمَوَاشِي عَلَى الْمَالِك فَيَزِيدُ الْوَاجِب كَمَا إِذَا كَانَ لَهُ مِائَة وَعِشْرُونَ شَاة وَوَاجِبهَا شَاة فَفَرَّقَهَا السَّاعِي أَرْبَعِينَ أَرْبَعِينَ لِيَأْخُذَ ثَلَاث شِيَاه ، وَأَنْ يَجْمَعَ بَيْن مُتَفَرِّقٍ لِتَجِبَ فِيهِ الزَّكَاة أَوْ تَزِيدَ ، كَمَا إِذَا كَانَ لِرَجُلَيْنِ أَرْبَعُونَ شَاة مُتَفَرِّقَة فَجَمَعَهَا السَّاعِي لِيَأْخُذَ شَاة أَوْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا مِائَة وَعِشْرُونَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا لِيَصِيرَ الْوَاجِب ثَلَاث شِيَاه وَهُوَ قَوْل مَنْ لَمْ يَعْتَبِرْ الْخُلْطَةَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهَا تَأْثِيرًا كَالثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَة . قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّه : وَظَاهِر قَوْله وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنهمَا بِالسَّوِيَّةِ يُعَضِّدُ الْوَجْه الْأَوَّل ، وَقَوْله بِالسَّوِيَّةِ أَيْ بِالْعَدَالَةِ بِمُقْتَضَى الْحِصَّة فَيَشْمَلُ أَنْوَاع الْمُشَارَكَة . قَالَ اِبْن الْمَلَك : مِثْل أَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا خَمْس إِبِل فَأَخَذَ السَّاعِي وَهِيَ فِي يَد أَحَدهمَا شَاة ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكه بِقِيمَةِ حِصَّته عَلَى السَّوِيَّة ، وَبَاقِي بَيَانِهِ تَقَدَّمَ .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْن مَاجَهْ . قَالَ التِّرْمِذِيُّ : حَسَن غَرِيب وَقَدْ رَوَى يُونُس بْن يَزِيد وَغَيْر وَاحِد عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِم هَذَا الْحَدِيث وَلَمْ يَرْفَعْهُ وَإِنَّمَا رَفَعَهُ سُفْيَان اِبْن حُسَيْن هَذَا كَلَامه وَسُفْيَان بْن حُسَيْن أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِم ، وَاسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ إِلَّا أَنَّ حَدِيثه عَنْ الزُّهْرِيِّ فِيهِ مَقَال ، وَقَدْ تَابَعَ سُفْيَان بْن حُسَيْن عَلَى رَفْعه سُلَيْمَان بْن كَثِير وَهُوَ مِمَّنْ اِتَّفَقَ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم عَلَى الِاحْتِجَاج@

الصفحة 440