كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 4)

الْمَفْعُولِ
( إِنْ أَدَّى )
: أَيْ هِلَال
( فَاحْمِ )
: أَيْ اِحْفَظْ
( لَهُ )
: لِهِلَالٍ . وَاسْتَدَلَّ بِأَحَادِيث الْبَاب عَلَى وُجُوب الْعُشْر فِي الْعَسَل أَبُو حَنِيفَة وَأَحْمَد وَإِسْحَاق ، وَحَكَاهُ التِّرْمِذِيّ عَنْ أَكْثَر أَهْل الْعِلْم ، وَحَكَاهُ بَعْض عَنْ عُمَر وَابْن عَبَّاس وَعُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز وَأَحَد قَوْلَيْ الشَّافِعِيّ . وَقَدْ حَكَى الْبُخَارِيُّ وَابْن أَبِي شَيْبَة وَعَبْد الرَّزَّاق عَنْ عُمَرَ بْن عَبْد الْعَزِيز أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي الْعَسَل شَيْء مِنْ الزَّكَاة . وَرَوى عَنْهُ عَبْد الرَّزَّاق أَيْضًا مِثْل مَا رَوَى عَنْهُ بَعْض وَلَكِنَّهُ إِسْنَاده ضَعِيف كَمَا قَالَ الْحَافِظ فِي الْفَتْح . وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِك وَحَكَاهُ اِبْن عَبْد الْبَرّ عَنْ الْجُمْهُور إِلَى عَدّ وُجُوب الزَّكَاة فِي الْعَسَلِ . وَأَشَارَ الْعِرَاقِيّ فِي شَرْح التِّرْمِذِيّ إِلَى أَنَّ الَّذِي نَقَلَهُ اِبْن الْمُنْذِر عَنْ الْجُمْهُور أَوْلَى مِنْ نَقْل التِّرْمِذِيِّ . قَالَ الشَّوْكَانِيُّ : حَدِيث هِلَال لَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوب الزَّكَاة فِي الْعَسَل لِأَنَّهُ تَطَوُّعٌ بِهَا وَحَمَى لَهُ بَدَلَ مَا أَخَذَ . وَيُؤَيِّدُ عَدَم الْوُجُوب مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَحَادِيث الْقَاضِيَة بِأَنَّ الصَّدَقَة إِنَّمَا تَجِبُ فِي أَرْبَعَة أَجْنَاس . وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا مَا رَوَاهُ الْحُمَيْدِيّ بِإِسْنَادِهِ إِلَى مُعَاذ بْن جَبَل أَنَّهُ أُتِيَ بِوَقَصِ الْبَقَرِ وَالْعَسَل فَقَالَ مُعَاذ كِلَاهُمَا لَمْ يَأْمُرْنِي فِيهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ اِنْتَهَى كَلَامه مُخْتَصَرًا
( وَإِلَّا فَإِنَّمَا هُوَ ذُبَاب غَيْث )
أَيْ وَإِنْ لَمْ يُؤَدُّوا عُشُور النَّحْل فَالْعَسَل مَأْخُوذ مِنْ ذُبَاب النَّحْل ، وَأَضَافَ الذُّبَاب إِلَى الْغَيْث لِأَنَّ النَّحْل يَقْصِدُ مَوَاضِع الْقَطْر لِمَا فِيهَا مِنْ الْعُشْب وَالْخِصْبِ
( يَأْكُلُهُ مَنْ يَشَاءُ )
: يَعْنِي الْعَسَل فَالضَّمِير الْمَنْصُوب رَاجِع إِلَى النَّحْل ، وَفِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ الْعَسَل الَّذِي يُوجَدُ فِي الْجِبَال يَكُونُ مَنْ سَبَقَ إِلَيْهِ أَحَقَّ بِهِ قَالَهُ الشَّوْكَانِيُّ . قَالَ السِّنْدِيُّ : وَإِلَّا فَإِنَّمَا هُوَ ذُبَاب غَيْث أَيْ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ عَلَيْك حِفْظُهُ لِأَنَّ الذُّبَاب غَيْر مَمْلُوك فَيَحِلُّ لِمَنْ يَأْخُذُهُ وَعُلِمَ أَنَّ الزَّكَاة فِيهِ غَيْر وَاجِبَة عَلَى وَجْه يُجْبَرُ صَاحِبه عَلَى الدَّفْع@

الصفحة 489