كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 4)

( حَتَّى حُسِرَ )
: أَيْ أُزِيل الْكُسُوف وَكُشِفَ عَنْهَا
( فَقَرَأَ بِسُورَتَيْنِ وَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ )
: وَلَفْظ مُسْلِم " بَيْنَمَا أَنَا أَرْمِي بِأَسْهُمِي فِي حَيَاة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ اِنْكَسَفَتْ الشَّمْس فَنَبَذْتهنَّ وَقُلْت لَأَنْظُرَنَّ مَا يَحْدُث لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اِنْكِسَاف الشَّمْس فَانْتَهَيْت إِلَيْهِ وَهُوَ رَافِع يَدَيْهِ يَدْعُو وَيُكَبِّر وَيَحْمَد وَيُهَلِّل حَتَّى جُلِيَ عَنْ الشَّمْس فَقَرَأَ سُورَتَيْنِ وَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ " وَفِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة لِمُسْلِمٍ قَالَ " فَأَتَيْته وَهُوَ قَائِم فِي الصَّلَاة رَافِع يَدَيْهِ فَجَعَلَ يُسَبِّح وَيَحْمَد وَيُهَلِّل وَيُكَبِّر وَيَدْعُو حَتَّى حُسِرَ عَنْهَا ، قَالَ فَلَمَّا حُسِرَ عَنْهَا ، قَرَأَ سُورَتَيْنِ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ " قَالَ الطِّيبِيُّ : يَعْنِي دَخَلَ فِي الصَّلَاة وَوَقَفَ فِي الْقِيَام الْأَوَّل وَطَوَّلَ التَّسْبِيح وَالتَّهْلِيل وَالتَّكْبِير وَالتَّحْمِيد حَتَّى ذَهَبَ الْخُسُوف ثُمَّ قَرَأَ الْقُرْآن وَرَكَعَ ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ قَامَ فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة وَقَرَأَ فِيهَا الْقُرْآن وَرَكَعَ وَسَجَدَ وَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ اِنْتَهَى . وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي شَرْح مُسْلِم : هَذَا مِمَّا يُسْتَشْكَل وَيُظَنّ أَنَّ ظَاهِره أَنَّهُ اِبْتَدَأَ صَلَاة الْكُسُوف بَعْد اِنْجِلَاء الشَّمْس وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوز اِبْتِدَاء صَلَاتهَا بَعْد الِانْجِلَاء ، وَهَذَا الْحَدِيث مَحْمُول عَلَى أَنَّهُ وَجَدَهُ فِي الصَّلَاة كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة ثُمَّ جَمَعَ الرَّاوِي جَمِيع مَا جَرَى فِي الصَّلَاة مِنْ دُعَاء وَتَكْبِير وَتَهْلِيل وَتَسْبِيح وَتَحْمِيد وَقِرَاءَة سُورَتَيْنِ فِي الْقِيَامَيْنِ الْآخَرَيْنِ لِلرَّكْعَةِ الثَّانِيَة ، وَكَانَتْ السُّورَتَانِ بَعْد الِانْجِلَاء تَتْمِيمًا لِلصَّلَاةِ فَتَمَّتْ جُمْلَة الصَّلَاة رَكْعَتَيْنِ أَوَّلهَا فِي حَال الْكُسُوف وَآخِرهَا بَعْد الِانْجِلَاء ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْته مِنْ تَقْدِيره لَا بُدّ مِنْهُ لِأَنَّهُ مُطَابِق لِلرِّوَايَةِ الثَّانِيَة وَلِقَوَاعِد الْفِقْه وَلِرِوَايَاتِ بَاقِي الصَّحَابَة ، وَالرِّوَايَة الْأُولَى مَحْمُولَة عَلَيْهِ أَيْضًا لِيَتَّفِق الرِّوَايَتَانِ . وَنَقَلَ الْقَاضِي عَنْ الْمَازِرِيّ أَنَّهُ تَأَوَّلَهُ عَلَى صَلَاة رَكْعَتَيْنِ تَطَوُّعًا مُسْتَقِلًّا بَعْد اِنْجِلَاء الْكُسُوف لَا أَنَّهَا صَلَاة كُسُوف وَهَذَا @

الصفحة 59