كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 4)

1015 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( إِذَا خَرَجَ مَسِيرَة ثَلَاثه أَمْيَال )
: اُخْتُلِفَ فِي تَقْدِير الْمِيل فَقَالَ فِي الْفَتْح الْمِيل هُوَ مِنْ الْأَرْض مُنْتَهَى مَدّ الْبَصَر لِأَنَّ الْبَصَر يَمِيل عَنْهُ عَلَى وَجْه الْأَرْض حَتَّى يَفْنَى إِدْرَاكه وَبِذَلِكَ جَزَمَ الْجَوْهَرِيّ ، وَقِيلَ أَنْ يَنْظُر إِلَى الشَّخْص فِي أَرْض مُسْتَوِيَة فَلَا يَدْرِي أَرْجُل هُوَ أَمْ اِمْرَأَة أَمْ ذَاهِب أَوْ آتٍ . قَالَ النَّوَوِيّ : الْمِيل سِتَّة آلَاف ذِرَاع وَالذِّرَاع أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ إِصْبَعًا مُعْتَرِضَة مُعْتَدِلَة وَالْإِصْبَع سِتّ شُعَيْرَات مُعْتَرِضَة مُعْتَدِلَة . قَالَ الْحَافِظ : وَهَذَا الَّذِي قَالَ هُوَ الْأَشْهَر . وَمِنْهُمْ مَنْ عَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِاثْنَيْ عَشَر أَلْف قَدَم بِقَدَمِ الْإِنْسَان ، وَقِيلَ هُوَ أَرْبَعَة آلَاف ذِرَاع وَقِيلَ ثَلَاثَة آلَاف ذِرَاع . نَقَلَهُ صَاحِب الْبَيَان ، وَقِيلَ خَمْسمِائَةِ وَصَحَّحَهُ اِبْن عَبْد الْبَرّ ، وَقِيلَ أَلْفَا ذِرَاع . وَمِنْهُمْ مَنْ عَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِأَلْفِ خُطْوَة لِلْجَمَلِ . قَالَ ثُمَّ إِنَّ الذَّارِع الَّذِي ذَكَرَهُ النَّوَوِيّ تَحْرِيره قَدْ حُرِّرَ غَيْره بِذِرَاعِ الْحَدِيد الْمَشْهُور فِي مِصْر وَالْحِجَاز فِي هَذِهِ الْأَعْصَار فَوَجَدَهُ يَنْقُص عَنْ ذِرَاع الْحَدِيد بِقَدْرِ الثُّمُن ، فَعَلَى هَذَا فَالْمِيل بِذِرَاعِ الْحَدِيد فِي الْقَوْل الْمَشْهُور خَمْسَة آلَاف ذِرَاع وَمِائَتَانِ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا
( أَوْ ثَلَاثَة فَرَاسِخ )
: الْفَرْسَخ فِي الْأَصْل السُّكُون ذَكَرَهُ اِبْن سِيده ، وَقِيلَ السَّعَة ، وَقِيلَ الشَّيْء الطَّوِيل ، وَذَكَرَ الْفَرَّاء أَنَّ الْفَرْسَخ فَارِسِيّ مُعَرَّب وَهُوَ ثَلَاثَة أَمْيَال .
وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ الْخِلَاف الطَّوِيل بَيْن عُلَمَاء الْإِسْلَام فِي مِقْدَار الْمَسَافَة الَّتِي يَقْصُر فِيهَا الصَّلَاة . قَالَ فِي الْفَتْح فَحَكَى اِبْن الْمُنْذِر وَغَيْره فِيهَا نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ قَوْلًا أَقَلّ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ يَوْم وَلَيْلَة وَأَكْثَره مَا دَامَ غَائِبًا عَنْ بَلَده ، وَقِيلَ أَقَلّ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ الْمِيل كَمَا رَوَاهُ اِبْن شَيْبَة بِإِسْنَادٍ صَحِيح عَنْ اِبْن عُمَر وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ اِبْن حَزْم الظَّاهِرِيّ وَاحْتَجَّ لَهُ بِإِطْلَاقِ السَّفَر فِي كِتَاب اللَّه تَعَالَى كَقَوْلِهِ @

الصفحة 67