كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 4)

الْفُقَهَاء وَإِسْنَاده جَيِّد إِلَّا مَا تَكَلَّمُوا فِيهِ مِنْ أَمْر حَبِيب ، وَكَانَ اِبْن الْمُنْذِر يَقُول بِهِ وَيَحْكِيه عَنْ غَيْر وَاحِد مِنْ أَصْحَاب الْحَدِيث . وَسَمِعْت أَبَا بَكْر الْقَفَّال يَحْكِيه عَنْ أَبِي إِسْحَاق الْمَرْوَزِيِّ وَحُكِيَ عَنْ اِبْن سِيرِينَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَجْمَع بَيْن الصَّلَاتَيْنِ إِذَا كَانَتْ حَاجَة أَوْ شَيْء مِمَّا لَا يَتَّخِذهُ عَادَة . وَتَأَوَّلَهُ بَعْضهمْ عَلَى أَنْ يَكُون ذَلِكَ فِي حَال الْمَرَض .
قَالَ اِبْن الْمُنْذِر : وَلَا مَعْنَى لِحَمْلِ الْأَمْر فِيهِ عَلَى عُذْر مِنْ الْأَعْذَار لِأَنَّ اِبْن عَبَّاس قَدْ أَخْبَرَ بِالْعِلَّةِ فِيهِ وَهُوَ قَوْله : " أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِج أُمَّته " وَقَدْ اِخْتَلَفَ النَّاس فِي ذَلِكَ فَرَخَّصَ فِيهِ عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح لِلْمَرِيضِ فِي الْجَمْع بَيْن الصَّلَاتَيْنِ ، وَهُوَ قَوْل مَالِك وَأَحْمَد بْن حَنْبَل . وَقَالَ أَصْحَاب الرَّأْي : يَجْمَع الْمَرِيض بَيْن الصَّلَاتَيْنِ إِلَّا أَنَّهُمْ أَبَاحُوا ذَلِكَ عَلَى شَرْطهمْ فِي جَمْع الْمُسَافِر بَيْنهمَا ، وَمَنَعَ ذَلِكَ الشَّافِعِيّ فِي الْحَضَر إِلَّا لِلْمَمْطُورِ . اِنْتَهَى . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ .
1026 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( مُحَمَّد بْن فُضَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ )
: فُضَيْل بْن غَزْوَانَ . وَمُحَمَّد وَأَبُوهُ فُضَيْل كِلَاهُمَا ثِقَتَانِ . وَالْحَدِيث سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ ، وَفِي هَذَا دَلِيل عَلَى مَعْنَى الْجَمْع الصُّورِيّ الَّذِي تَأَوَّلَ بِهِ الْحَنَفِيَّة أَحَادِيث الْجَمْع بَيْن الصَّلَاتَيْنِ وَيَجِيء تَحْقِيق الْكَلَام فِيهِ@

الصفحة 79