كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 4)
1034 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( يُسَبِّحُونَ )
: أَيْ يُصَلُّونَ النَّافِلَة
( وَلَوْ كُنْت مُسَبِّحًا )
: قَالَ النَّوَوِيّ : الْمُسَبِّح هَاهُنَا الْمُتَنَفِّل بِالصَّلَاةِ ، وَالسُّبْحَة هُنَا صَلَاة النَّفْل ، مَعْنَاهُ لَوْ اِخْتَرْت التَّنَفُّل لَكَانَ إِتْمَام فَرِيضَتِي أَرْبَعًا أَحَبّ إِلَيَّ وَلَكِنِّي لَا أَرَى وَاحِدًا مِنْهُمَا ، بَلْ السُّنَّة الْقَصْر وَتَرْك التَّنَفُّل ، وَمُرَاده النَّافِلَة الرَّاتِبَة مَعَ الْفَرَائِض كَسُنَّةِ الظُّهْر وَالْعَصْر وَغَيْرهَا مِنْ الْمَكْتُوبَات ، وَأَمَّا النَّوَافِل الْمُطْلَقَة فَقَدْ كَانَ اِبْن عُمَر يَفْعَلهَا فِي السَّفَر ، وَرَوَى هُوَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلهَا كَمَا ثَبَتَ فِي مَوَاضِع مِنْ الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ ، وَقَدْ اِتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى اِسْتِحْبَاب النَّوَافِل الْمُطْلَقَة فِي السَّفَر ، وَاخْتَلَفُوا فِي اِسْتِحْبَاب النَّوَافِل الرَّاتِبَة ، فَتَرَكَهَا اِبْن عُمَر وَآخَرُونَ وَاسْتَحَبَّهَا الشَّافِعِيّ وَأَصْحَابه وَالْجُمْهُور ، وَدَلِيله الْأَحَادِيث الْعَامَّة فِي نَدْب الرَّوَاتِب ، وَحَدِيث صَلَاته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الضُّحَى يَوْم الْفَتْح بِمَكَّة ، وَرَكْعَتَيْ الصُّبْح حِين نَامُوا وَأَحَادِيث أُخَر صَحِيحَة . وَلَعَلَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الرَّوَاتِب فِي رَحْله وَلَا يَرَاهُ اِبْن عُمَر فَإِنَّ النَّافِلَة فِي الْبَيْت أَفْضَل وَلَعَلَّهُ تَرَكَهَا فِي بَعْض الْأَوْقَات تَنْبِيهًا عَلَى @
الصفحة 90