كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)
الْإِسْنَاد لَيْسَ فِيهِ عِلَّة اِتَّفَقَ الشَّيْخَانِ عَلَى إِخْرَاجه وَاَللَّه أَعْلَم .
1438 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( قَالَ لَا )
: أَيْ لَا يَحِلّ لَهَا التَّصْدِيق
( إِلَّا مِنْ قُوتهَا )
: أَيْ مِنْ قُوت نَفْسهَا وَهُوَ مَا أَعْطَاهَا الزَّوْج لِتَأْكُل ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبُو هُرَيْرَة هُوَ مَوْقُوف عَلَيْهِ لَكِنْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيث أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيّ قَالَ : سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول فِي خُطْبَته عَامَ حَجَّة الْوَدَاع : " لَا تُنْفِق اِمْرَأَة شَيْئًا مِنْ بَيْت زَوْجهَا إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجهَا ، قِيلَ يَا رَسُول اللَّه وَلَا الطَّعَام قَالَ ذَاكَ أَفْضَل أَمْوَالنَا " وَقَالَ حَدِيث حَسَن .
فَإِنْ قُلْت : أَحَادِيث هَذَا الْبَاب جَاءَتْ مُخْتَلِفَة فَمِنْهَا مَا يَدُلّ عَلَى مَنْع الْمَرْأَة أَنْ تُنْفِق مِنْ بَيْت زَوْجهَا إِلَّا بِإِذْنِهِ وَهُوَ حَدِيث أَبِي أُمَامَةَ الْمَذْكُور ، وَمِنْهَا مَا يَدُلّ عَلَى الْإِبَاحَة بِحُصُولِ الْأَجْر لَهَا فِي ذَلِكَ وَهُوَ حَدِيث عَائِشَة الْمَذْكُور ، وَمِنْهَا مَا قُيِّدَ فِيهِ التَّرْغِيب فِي الْإِنْفَاق بِكَوْنِهِ بِطِيبِ نَفْس مِنْهُ وَبِكَوْنِهَا غَيْر مُفْسِدَة وَهُوَ حَدِيث عَائِشَة أَيْضًا ، وَمِنْهَا مَا هُوَ مُقَيَّد بِكَوْنِهَا غَيْر مُفْسِدَة وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْر أَمْره وَهُوَ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة ، وَمِنْهَا مَا قُيِّدَ الْحَكَم فِيهِ بِكَوْنِهِ رَطْبًا وَهُوَ حَدِيث سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص .
قُلْت : كَيْفِيَّة الْجَمْع بَيْنهمَا أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِف بِاخْتِلَافِ عَادَات الْبِلَاد وَبِاخْتِلَافِ حَال الزَّوْج مِنْ مُسَامَحَته وَرِضَاهُ بِذَلِكَ أَوْ كَرَاهَته لِذَلِكَ ، وَبِاخْتِلَافِ الْحَال فِي الشَّيْء الْمُنْفَق بَيْن أَنْ يَكُون شَيْئًا يَسِيرًا يُتَسَامَح بِهِ وَبَيْن أَنْ يَكُون لَهُ خَطَر فِي نَفْس الزَّوْج يَبْخَل بِمِثْلِهِ ، وَبَيْن أَنْ يَكُون ذَلِكَ رَطْبًا يُخْشَى فَسَاده إِنْ تَأَخَّرَ وَبَيْن أَنْ يَكُون يُدَّخَرُ وَلَا يُخْشَى عَلَيْهِ الْفَسَاد قَالَهُ الْعَيْنِيّ@
الصفحة 105