كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)
سَلَمَة بْن كُهَيْل قَالَ شُعْبَة فَسَمِعْته بَعْد عَشْر سِنِينَ يَقُول عَرِّفْهَا عَامًا وَاحِدًا وَقَدْ بَيَّنَهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيّ فِي مُسْنَده أَيْضًا فَقَالَ فِي آخِر الْحَدِيث قَالَ شُعْبَة فَلَقِيت سَلَمَة بَعْد ذَلِكَ فَقَالَ لَا أَدْرَى ثَلَاثَة أَحْوَال أَوْ حَوْلًا وَاحِدًا ، فَالْمَعْنَى أَيْ قَالَ سَلَمَة بْن كُهَيْل لَا أَدْرِي أَقَالَ سُوَيْد بْن غَفْلَة عَرِّفْهَا ثَلَاثًا أَيْ ثَلَاثَة أَحْوَال أَوْ عَرِّفْهَا مَرَّة وَاحِدَة أَوْ حَوْلًا وَاحِدًا . قَالَ الْحَافِظ : وَأَغْرَبَ اِبْن بَطَّال فَقَالَ الَّذِي شَكَّ فِيهِ هُوَ أُبَيُّ بْن كَعْب وَالْقَائِل هُوَ سُوَيْد بْن غَفْلَة اِنْتَهَى . وَلَمْ يُصِبْ فِي ذَلِكَ وَإِنْ تَبِعَهُ جَمَاعَة مِنْهُمْ الْمُنْذِرِيّ . بَلْ الشَّكّ فِيهِ مِنْ أَحَد رُوَاته وَهُوَ سَلَمَة لِمَا اِسْتَثْبَتَهُ فِيهِ شُعْبَة ، وَقَدْ رَوَاهُ غَيْر شُعْبَة عَنْ سَلَمَة بْن كُهَيْل بِغَيْرِ شَكّ جَمَاعَة وَفِيهِ هَذِهِ الزِّيَادَة أَيْ ثَلَاثَة أَحْوَال أَخْرَجَهَا مُسْلِم . وَجَمَعَ بَعْضهمْ بَيْن حَدِيث أُبَيِّ هَذَا وَحَدِيث زَيْد بْن خَالِد الْآتِي فَإِنَّهُ لَمْ يَخْتَلِف عَلَيْهِ فِي الِاقْتِصَار عَلَى سَنَة وَاحِدَة فَقَالَ يُحْمَل حَدِيث أُبَيِّ بْن كَعْب عَلَى مَزِيد الْوَرَع عَنْ التَّصَرُّف فِي اللُّقَطَة وَالْمُبَالَغَة فِي التَّعَفُّف عَنْهَا ، وَحَدِيث زَيْد عَلَى مَا لَا بُدّ مِنْهُ أَوْ لِاحْتِيَاجِ الْأَعْرَابِيّ وَاسْتِغْنَاء أُبَيٍّ .
قَالَ الْمُنْذِرِيّ : لَمْ يَقُلْ أَحَد مِنْ أَئِمَّة الْفَتْوَى إِنَّ اللُّقَطَة تُعَرَّف ثَلَاثَة أَعْوَام إِلَّا شَيْء جَاءَ عَنْ عُمَر اِنْتَهَى . وَقَدْ حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيّ عَنْ شَوَاذّ مِنْ الْفُقَهَاء وَحَكَى اِبْن الْمُنْذِر عَنْ عُمَر أَرْبَعَة أَقْوَال يُعَرِّفهَا ثَلَاثَة أَحْوَال عَامًا وَاحِدًا ، ثَلَاثَة أَشْهُر ، ثَلَاثَة أَيَّام ، وَيُحْمَل ذَلِكَ عَلَى عِظَم اللُّقَطَة وَحَقَارَتهَا ، وَزَادَ اِبْن حَزْم عَنْ عُمَر قَوْلًا خَامِسًا وَهُوَ أَرْبَعَة أَشْهُر . وَجَزَمَ اِبْن حَزْم وَابْن الْجَوْزِيّ بِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَة غَلَط ، قَالَ وَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّ سَلَمَة أَخْطَأَ فِيهَا ثُمَّ تَثَبَّتَ وَاسْتَذْكَرَ وَاسْتَمَرَّ عَلَى عَام وَاحِد وَلَا يُؤَاخَذ إِلَّا بِمَا لَمْ يَشُكّ فِيهَا رَاوِيه . وَقَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ : يُحْتَمَل أَنْ يَكُون صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَفَ أَنْ تَعْرِيفهَا لَمْ يَقَع عَلَى الْوَجْه الَّذِي يَنْبَغِي فَأَمَرَ أُبَيًّا بِإِعَادَةِ التَّعْرِيف كَمَا قَالَ لِلْمُسِيءِ صَلَاته اِرْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ اِنْتَهَى .
وَلَا يَخْفَى بُعْد هَذَا عَلَى مِثْل أبي مَعَ كَوْنه مِنْ فُقَهَاء الصَّحَابَة وَفُضَلَائِهِمْ@
الصفحة 120