كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)
وَفِي رِوَايَة سَنَة وَاحِدَة وَفِي رِوَايَة أَنَّ الرَّاوِي شَكَّ قَالَ لَا أَدْرِي قَالَ حَوْل أَوْ ثَلَاثَة أَحْوَال ، وَفِي رِوَايَة عَامَيْنِ أَوْ ثَلَاثَة . قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : قِيلَ فِي الْجَمْع بَيْن الرِّوَايَات قَوْلَانِ أَحَدهمَا أَنْ يَطْرَح الشَّكّ وَالزِّيَادَة وَيَكُون الْمُرَاد سَنَة فِي رِوَايَة الشَّكّ وَتُرَدّ الزِّيَادَة بِمُخَالَفَتِهَا بَاقِي الْأَحَادِيث ، وَالثَّانِي أَنَّهُمَا قَضِيَّتَانِ ، فَرِوَايَة زَيْد فِي التَّعْرِيف سَنَة مَحْمُولَة عَلَى أَقَلّ مَا يَجْزِي ، وَرِوَايَة أُبَيّ بْن كَعْب فِي التَّعْرِيف ثَلَاث سِنِينَ مَحْمُول عَلَى الْوَرَع وَزِيَادَة الْفَضِيلَة قَالَ : وَقَدْ أَجْمَع الْعُلَمَاء عَلَى الِاكْتِفَاء بِتَعْرِيفِ سَنَة وَلَمْ يَشْتَرِط أَحَد تَعْرِيف ثَلَاثَة أَعْوَام إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَر وَلَعَلَّهُ لَمْ يَثْبُت عَنْهُ اِنْتَهَى كَلَامه وَتَقَدَّمَ الْكَلَام فِي ذَلِكَ وَاَللَّه أَعْلَم
( فَإِنْ جَاءَ صَاحِبهَا فَعَرَّفَ عَدَدهَا إِلَخْ )
: قَالَ الْخَطَّابِيُّ : فِيهِ دَلَالَة عَلَى أَنَّهُ إِذَا وَصَفَ اللُّقَطَة وَعَرَّفَ عَدَدهَا دُفِعَتْ إِلَيْهِ مِنْ غَيْر تَكْلِيف بَيِّنَة سِوَاهَا ، وَهُوَ مَذْهَب مَالِك وَأَحْمَد بْن حَنْبَل ، وَقَالَ الشَّافِعِيّ إِنْ وَقَعَ فِي نَفْسه أَنَّهُ صَادِق وَقَدْ عَرَّفَ الرَّجُل الْعِفَاص وَالْوِكَاء وَالْعَدَد وَالْوَزْن دَفَعَهَا إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَلَا يُجْبَر عَلَى ذَلِكَ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّهُ قَدْ يُصِيب الصِّفَة بِأَنْ يَسْمَع الْمُلْتَقِط يَصِفهَا وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَة وَأَصْحَابه .
قُلْت : ظَاهِر الْحَدِيث هَذَا يُوجِب دَفْعهَا إِلَيْهِ إِذَا أَصَابَ الصِّفَة وَهُوَ فَائِدَة قَوْله اِعْرِفْ عِفَاصهَا وَوِكَاءَهَا ، فَإِنْ صَحَّتْ هَذِهِ اللَّفْظَة فِي رِوَايَة حَمَّاد وَهِيَ قَوْله فَعَرِّفْ عَدَدهَا فَادْفَعْهَا كَانَ ذَلِكَ أَمْرًا لَا يَجُوز خِلَافه وَإِنْ لَمْ يَصِحّ فَالِاحْتِيَاط مَعَ مَنْ لَمْ يَرَى الرَّدّ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْبَيِّنَة عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِين @
الصفحة 122