كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)

عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ " وَيَتَأَوَّل عَلَى هَذَا الْمَذْهَب قَوْله : " اِعْرِفْ عِفَاصهَا وَوِكَاءَهَا عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدهمَا أَنَّهُ أَمَرَهُ بِذَلِكَ لِئَلَّا يَخْتَلِط بِمَالِهِ فَلَا يَتَمَيَّز مِنْهُ ، وَالْوَجْه الْآخَر لِتَكُونَ الدَّعْوَى فِيهَا مَعْلُومَة وَأَنَّ الدَّعْوَى الْمُبْهَمَة لَا تُقْبَل " .
قُلْت : وَأَمْره بِإِمْسَاكِ اللُّقَطَة وَتَعْرِيفهَا أَصْل فِي أَبْوَاب مِنْ الْفِقْه ، إِذَا عَرَضَتْ الشُّبْهَة فَلَمْ يَتَبَيَّن الْحُكْم فِيهَا ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيّ فِي كَثِير مِنْ الْمَسَائِل مِثْل أَنْ يُطَلِّق أَحَد نِسَائِهِ مِنْ غَيْر تَعْيِين وَمَاتَ فَإِنَّ الْيَمِين تُوقَف حَتَّى تُبَيَّنَ الْمُطَلَّقَة مِنْهُنَّ أَوْ يَصْطَلِحْنَ عَلَى شَيْء فِي نَظَائِر لَهَا مِنْ الْأَحْكَام اِنْتَهَى .
1451 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( عَنْ يَزِيد مَوْلَى الْمُنْبَعِث )
: بِضَمِّ الْمِيم وَسُكُون النُّون وَفَتْح الْمُوَحَّدَة وَكَسْر الْمُهْمَلَة بَعْدهَا مُثَلَّثَة
( ثُمَّ اِعْرِفْ وِكَاءَهَا )
: الْوِكَاء الْخَيْط الَّذِي تُشَدّ بِهِ الصُّرَّة
( وَعِفَاصهَا )
: الَّذِي تَكُون فِيهِ النَّفَقَة . وَأَصْل الْعِفَاص الْجِلْد الَّذِي يُلْبَس رَأْس الْقَارُورَة قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ . قَالَ الْعَيْنِيّ : الْعِفَاص بِكَسْرِ الْعَيْن الْمُهْمَلَة وَتَخْفِيف الْفَاء وَبِالصَّادِ وَهُوَ الْوِعَاء الَّذِي يَكُون فِيهِ النَّفَقَة سَوَاء كَانَ مِنْ جِلْد أَوْ خِرْقَة أَوْ حَرِير أَوْ غَيْرهَا . فَإِنْ قُلْت : فِي رِوَايَة مَالِك كَمَا عِنْد الشَّيْخَيْنِ " اعْرِفْ عِفَاصهَا وَوِكَاءَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَة " وَفِي رِوَايَة الْمُؤَلِّف أَبِي دَاوُدَ وَكَذَا عِنْد مُسْلِم " عَرِّفْهَا سَنَة ثُمَّ اِعْرِفْ وِكَاءَهَا " فَهَذِهِ الرِّوَايَة تَقْتَضِي أَنَّ مَعْرِفَة الْوِكَاء وَالْعِفَاص تَتَأَخَّر عَلَى تَعْرِيفهَا سَنَة ، وَرِوَايَة مَالِك صَرِيحَة فِي تَقْدِيم الْمَعْرِفَة عَلَى التَّعْرِيف .
قُلْت : قَالَ النَّوَوِيّ الْجَمْع بَيْنهمَا بِأَنْ يَكُون مَأْمُورًا بِالْمَعْرِفَةِ فِي حَالَتَيْنِ فَيُعَرِّف الْعَلَامَات أَوَّل مَا يَلْتَقِط حَتَّى يَعْلَم صِدْق وَاصِفهَا إِذَا وَصَفَهَا ثُمَّ بَعْد تَعْرِيفهَا سَنَة إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَمَلَّكهَا@

الصفحة 123