كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)

فَيُعَرِّفهَا مَرَّة أُخْرَى مَعْرِفَة وَافِيَة مُحَقَّقَة لِيُعْلَم قَدْرهَا وَصِفَتهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَجِيء صَاحِبهَا فَيَقَع الِاخْتِلَاف فِي ذَلِكَ ، فَإِذَا عَرَّفَهَا الْمُلْتَقِطُ وَقْت التَّمَلُّك يَكُون الْقَوْلُ قَوْلَهُ لِأَنَّهُ أَمِين وَاللُّقَطَة وَدِيعَة عِنْده
( ثُمَّ اِسْتَنْفِقْ بِهَا )
: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ أَحَد بَعْد التَّعْرِيف حَوْلًا فَاسْتَنْفِقْهَا مِنْ الِاسْتِنْفَاق وَهُوَ اِسْتِفْعَال ، وَبَاب الِاسْتِفْعَال لِلطَّلَبِ لَكِنْ الطَّلَب عَلَى قِسْمَيْنِ صَرِيح وَتَقْدِيرِيّ ، وَهَا هُنَا لَا تَمْلِكهَا ثُمَّ أَنْفِقْهَا عَلَى نَفْسك اِنْتَهَى
( فَقَالَ )
: أَيْ السَّائِل
( فَضَالَّة الْغَنَم )
: أَيْ مَا حُكْمهَا وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّ الضَّالَّة مُخْتَصَّة بِالْحَيَوَانِ ، وَأَمَّا غَيْره فَيُقَال فِيهِ لُقَطَة . وَسَوَّى الطَّحَاوِيُّ بَيْن الضَّالَّة وَاللُّقَطَة
( فَإِنَّمَا هِيَ لَك )
: إِنْ أَخَذْتهَا وَعَرَّفْتهَا سَنَة وَلَمْ تَجِد صَاحِبهَا
( أَوْ لِأَخِيك )
: أَيْ فِي الدِّين مُلْتَقِط آخَر
( أَوْ لِلذِّئْبِ )
إِنْ تَرَكْتهَا وَلَمْ يَأْخُذهَا غَيْرك لِأَنَّهَا لَا تَحْمِي نَفْسهَا ، وَهَذَا عَلَى سَبِيل التَّنْوِيع وَالتَّقْسِيم ، وَأَشَارَ إِلَى إِبْطَال قِسْمَيْنِ فَتَعَيَّنَ الثَّالِث فَكَأَنَّهُ قَالَ يَنْحَصِر الْأَمْر فِي ثَلَاثَة أَقْسَام أَنْ تَأْخُذهَا لِنَفْسِك أَوْ تَتْرُكهَا فَيَأْخُذهَا مِثْلك أَوْ يَأْكُلهَا الذِّئْب ، وَلَا سَبِيل إِلَى تَرْكهَا لِلذِّئْبِ فَإِنَّهَا إِضَاعَة مَال ، وَلَا مَعْنَى لِتَرْكِهَا لِمُلْتَقِطٍ آخَر مِثْل الْأَوَّل بِحَيْثُ يَكُون الثَّانِي أَحَقّ لِأَنَّهُمَا اِسْتَوَيَا وَسَبَقَ الْأَوَّل فَلَا مَعْنَى لِلتَّرْكِ وَاسْتِحْقَاق الْمَسْبُوق ، وَإِذَا بَطَلَ هَذَانِ الْقِسْمَانِ تَعَيَّنَ الثَّالِث وَهُوَ أَنْ تَكُون لِهَذَا الْمُلْتَقِط . وَالتَّعْبِير بِالذِّئْبِ لَيْسَ بِقَيْدٍ فَالْمُرَاد جِنْس مَا يَأْكُل الشَّاة وَيَفْتَرِسهَا مِنْ السِّبَاع قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ . وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَقَوْله فِي ضَالَّة الْغَنَم " هِيَ لَك أَوْ لِأَخِيك أَوْ لِلذِّئْبِ " فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا جُعِلَ هَذَا حُكْمهَا إِذَا وُجِدَتْ بِأَرْضِ فَلَاة يُخَاف عَلَيْهَا الذِّئَاب فِيهَا ، فَإِذَا وُجِدَتْ فِي قَرْيَة وَبَيْن ظَهْرَانَيْ عِمَارَة فَسَبِيلهَا سَبِيل اللُّقَطَة فِي التَّعْرِيف إِذْ كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ @

الصفحة 124