كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)
الذِّئَاب لَا تَأْوِي إِلَى الْأَمْصَار وَالْقُرَى فَأَمَّا ضَالَّة الْإِبِل فَإِنَّهُ لَمْ يُجْعَل لِوَاجِدِهَا أَنْ يَتَعَرَّض لَهَا لِأَنَّهَا قَدْ تَرُدّ الْمَاء وَتَرْعَى الشَّجَر وَتَعِيش بِلَا رَاعٍ وَتَمْتَنِع مِنْ أَكْثَر السِّبَاع فَيَجِبُ أَنْ يُخَلِّي سَبِيلهَا حَتَّى يَأْتِي رَبّهَا اِنْتَهَى
( فَضَالَّة الْإِبِل )
: مَا حُكْمهَا
( وَجْنَتَاهُ )
: الْوَجْنَة مَا اِرْتَفَعَ مِنْ الْخَدَّيْنِ
( أَوْ احْمَرَّ وَجْهه )
: شَكَّ الرَّاوِي
( قَالَ )
: عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام
( مَا لَك وَلَهَا )
: أَيْ مَا لَك وَأَخْذهَا ، اِسْتِفْهَام إِنْكَارِيّ أَيْ لَيْسَ لَك هَذَا ، وَتَدُلّ عَلَيْهِ رِوَايَة لِلْبُخَارِيِّ " فَذَرْهَا حَتَّى يَلْقَاهَا رَبّهَا "
( مَعَهَا حِذَاؤُهَا )
: بِكَسْرِ الْحَاء الْمُهْمَلَة وَبِالذَّالِ الْمُعْجَمَة مَمْدُودَة أَخْفَافهَا فَتَقْوَى بِهَا عَلَى السَّيْر وَقَطْع الْبِلَاد الشَّاسِعَة وَوُرُود الْمِيَاه النَّائِيَة
( وَسِقَاؤُهَا )
: بِكَسْرِ السِّين الْمُهْمَلَة وَالْمَدّ جَوْفهَا أَيْ حَيْثُ وَرَدَتْ الْمَاء شَرِبَتْ مَا يَكْفِيهَا حَتَّى تَرِد مَاء آخَر ، لِأَنَّ الْإِبِل إِذَا شَرِبَتْ يَوْمًا تَصْبِر أَيَّامًا عَلَى الْعَطَش ، أَوْ السِّقَاء الْعُنُق لِأَنَّهَا تَتَنَاوَل الْمَأْكُول بِغَيْرِ تَعَب لِطُولِ عُنُقهَا . وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمُرَاد بِهَذَا النَّهْي عَنْ التَّعَرُّض لَهَا لِأَنَّ الْأَخْذ إِنَّمَا هُوَ الْحِفْظ عَلَى صَاحِبهَا إِمَّا بِحِفْظِ الْعَيْن أَوْ بِحِفْظِ الْقِيمَة وَهَذِهِ لَا تَحْتَاج إِلَى حِفْظ لِأَنَّهَا مَحْفُوظَة بِمَا خَلَقَ اللَّه فِيهَا مِنْ الْقُوَّة وَالْمَنَعَة وَمَا يَسَّرَ لَهَا مِنْ الْأَكْل وَالشُّرْب ، كَذَا فِي إِرْشَاد السَّارِي
( حَتَّى يَأْتِيَهَا رَبّهَا )
: أَيْ مَالِكهَا وَآخِذهَا . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَفِي الْحَدِيث دَلِيل عَلَى أَنَّ كَثِير اللُّقَطَة وَقَلِيله سَوَاء فِي وُجُوب التَّعْرِيف إِذَا كَانَ مِمَّا يَبْقَى إِلَى الْحَوْل لِأَنَّهُ عَمَّ اللُّقَطَة وَلَمْ يَخُصّ ، وَقَالَ قَوْم يُنْتَفَع بِالْقَلِيلِ مِنْ غَيْر تَعْرِيف كَالنَّعْلِ وَالسَّوْط وَالْجِرَاب وَنَحْوهمْ مِمَّا يُرْتَفَق بِهِ وَلَا يَتَمَوَّل ، وَعَنْ بَعْضهمْ أَنَّهُ قَالَ مَا دُون عَشَرَة دَرَاهِم قَلِيل ، وَقَالَ بَعْضهمْ إِنَّمَا يُعَرَّف مِنْ اللُّقَطَة مَا كَانَ فَوْق الدِّينَار وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ عَلِيٍّ الْآتِي قَالَ فَهَذَا لَمْ يُعَرِّفهُ سَنَة لَكِنْ اِسْتَنْفَقَهُ حِين وَجَدَهُ ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى فَرْق مَا بَيْن الْقَلِيل مِنْ اللُّقَطَة@
الصفحة 125