كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)

يُعْتَمَد عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ الْبُرّ بِالْمَدِينَةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْت إِلَّا الشَّيْء الْيَسِير فَلَمَّا كَثُرَ فِي زَمَن الصَّحَابَة رَأَوْا أَنَّ نِصْف صَاع مِنْهُ يَقُوم مَقَام صَاع مِنْ الشَّعِير وَهُمْ الْأَئِمَّة ، فَغَيْر جَائِز أَنْ يُعْدَل عَنْ قَوْلهمْ إِلَّا إِلَى قَوْل مِثْلهمْ ، ثُمَّ أَسْنَدَ عَنْ عُثْمَان وَعَلِيّ وَأَبِي هُرَيْرَة وَجَابِر وَابْن عَبَّاس وَابْن الزُّبَيْر وَأُمّه أَسْمَاء بِنْت أَبِي بَكْر بِأَسَانِيد قَالَ الْحَافِظ صَحِيحَة أَنَّهُمْ رَأَوْا أَنَّ فِي زَكَاة الْفِطْر نِصْف صَاع مِنْ قَمْح اِنْتَهَى .
قَالَ الْحَافِظ : وَهَذَا مَصِير مِنْ اِبْن الْمُنْذِر إِلَى اِخْتِيَار مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّة ، لَكِنْ حَدِيث أَبِي سَعِيد دَالّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُوَافِق عَلَى ذَلِكَ وَكَذَلِكَ اِبْن عُمَر فَلَا إِجْمَاع فِي الْمَسْأَلَة خِلَافًا لِلطَّحَاوِيّ . وَالْكَلَام فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة فِي فَتْح الْبَارِي وَغَيْره . وَذَهَبَ أَبُو سَعِيد وَأَبُو الْعَالِيَة وَأَبُو الشَّعْثَاء وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ وَجَابِر بْن زَيْد وَالشَّافِعِيّ وَمَالِك وَأَحْمَد وَإِسْحَاق إِلَى أَنَّ الْبُرّ وَالزَّبِيب كَذَلِكَ يَجِب مِنْ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا صَاع .
( فَأَعْوَزَ أَهْل الْمَدِينَة )
: بِالْمُهْمَلَةِ وَالزَّاي أَيْ اِحْتَاجَ يُقَال أَعْوَزنِي الشَّيْء إِذَا اِحْتَجْت إِلَيْهِ فَلَمْ أَقْدِر عَلَيْهِ وَفِيهِ دَلَالَة عَلَى أَنَّ التَّمْر أَفْضَل مَا يُخْرَج فِي صَدَقَة الْفِطْر وَقَدْ رَوَى جَعْفَر الْفِرْيَابِيّ مِنْ طَرِيق أَبِي مِجْلَز قَالَ قُلْت لِابْنِ عُمَر قَدْ أَوْسَعَ اللَّه وَالْبُرّ أَفْضَل مِنْ التَّمْر أَفَلَا تُعْطِي الْبُرّ قَالَ لَا أُعْطِي إِلَّا كَمَا كَانَ يُعْطِي أَصْحَابِي . وَيُسْتَنْبَط مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُخْرِجُونَ مِنْ أَعْلَى الْأَصْنَاف الَّتِي يُقْتَات بِهَا لِأَنَّ@

الصفحة 13