كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)
يَكُون قَبْل أَنْ يُجَذّ وَيَأْوِيه الْجَرِين أَوْ بَعْده فَإِنْ كَانَ قَبْل الْجَذّ فَعَلَيْهِ الْغَرَامَة وَالْعُقُوبَة ، وَإِنْ كَانَ بَعْد الْقَطْع وَإِيوَاء الْجَرِين لَهُ فَعَلَيْهِ الْقَطْع مَعَ بُلُوغ الْمَأْخُوذ لِلنَّصَّابِ لِقَوْلِهِ فَبَلَغَ ثَمَن الْمِجَنّ ، وَهَذَا مَبْنِيّ عَلَى أَنَّ الْجَرِين حِرْز كَمَا هُوَ الْغَالِب ، إِذْ لَا قَطْع إِلَّا مِنْ حِرْز كَذَا فِي السُّبُل
( فَعَلَيْهِ غَرَامَة مِثْلَيْهِ )
: بِالتَّثْنِيَةِ
( وَالْعُقُوبَة )
: بِالرَّفْعِ أَيْ التَّغْرِير ، وَفِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيِّ بِأَنَّ الْعُقُوبَة جَلَدَات نَكَال . وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِهَذَا عَلَى جَوَاز الْعُقُوبَة بِالْمَالِ ، فَإِنَّ غَرَامَة مِثْلَيْهِ مِنْ الْعُقُوبَة بِالْمَالِ ، وَقَدْ أَجَازَهُ الشَّافِعِيّ فِي الْقَدِيم ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ وَقَالَ لَا يُضَاعَف الْغَرَامَة عَلَى أَحَد فِي شَيْء إِنَّمَا الْعُقُوبَة فِي الْأَبَدَانِ لَا فِي الْأَمْوَال ، وَقَالَ هَذَا مَنْسُوخ وَالنَّاسِخ لَهُ قَضَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَهْل الْمَاشِيَة بِاللَّيْلِ مَا أَتْلَفَتْ فَهُوَ ضَامِن أَيْ مَضْمُون عَلَى أَهْلهَا ، قَالَ وَإِنَّمَا يَضْمَنُونَهُ بِالْقِيمَةِ .
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : يُشْبِه أَنْ يَكُون هَذَا عَلَى سَبِيل التَّوَعُّد فَيَنْتَهِي فَاعِل ذَلِكَ عَنْهُ وَالْأَصْل أَنْ لَا وَاجِب عَلَى مُتْلِف الشَّيْء أَكْثَر مِنْ مِثْله . وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ كَانَ فِي صَدْر الْإِسْلَام يَقَع بَعْض الْعُقُوبَات عَلَى الْأَفْعَال ثُمَّ نُسِخَ وَإِنَّمَا أُسْقِط الْقَطْع عَمَّنْ سَرَقَ الثَّمَر الْمُعَلَّق لِأَنَّ حَوَائِط الْمَدِينَة لَيْسَ عَلَيْهَا حِيطَان وَلَيْسَ سُقُوطُهَا عَنْهُ مِنْ أَجْل أَنْ لَا قَطْع فِي غَيْر الثَّمَرَة فَإِنَّهُ مَال كَسَائِرِ الْأَمْوَال اِنْتَهَى
( الْجَرِين )
: بِفَتْحِ الْجِيم وَكَسْر الرَّاء هُوَ مَوْضِع تَجْفِيف التَّمْر وَهُوَ لَهُ كَالْبَيْدَرِ لِلْحِنْطَةِ وَيُجْمَع عَلَى جُرُن بِضَمَّتَيْنِ كَذَا فِي النِّهَايَة
( ثَمَن الْمِجَنّ )
: بِكَسْرِ الْمِيم وَفَتْح الْجِيم مِفْعَل مِنْ الِاجْتِنَان وَهُوَ الِاسْتِتَار وَالِاخْتِفَاء وَكُسِرَتْ مِيمه لِأَنَّهُ آلَة فِي الِاسْتِتَار . قَالَ فِي النِّهَايَة : هُوَ التُّرْس لِأَنَّهُ يُوَارِي حَامِله أَيْ يَسْتُرهُ وَالْمِيم زَائِده اِنْتَهَى . وَكَانَ ثَمَن الْمِجَنّ ثَلَاثَة دَرَاهِم وَهُوَ رُبْع دِينَار وَهُوَ نِصَاب السَّرِقَة عِنْد الشَّافِعِيّ وَيَجِيء @
الصفحة 133