كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)

التَّمْر أَعْلَى مِنْ غَيْره مِمَّا ذُكِرَ فِي حَدِيث أَبِي سَعِيد وَإِنْ كَانَ اِبْن عُمَر فَهِمَ مِنْهُ خُصُوصِيَّة التَّمْر بِذَلِكَ كَذَا فِي فَتْح الْبَارِي .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ
1377 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( صَاعًا مِنْ طَعَام أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِط )
قَالَ الْحَافِظ : هَذَا يَقْتَضِي الْمُغَايَرَة بَيْن الطَّعَام وَبَيْن مَا ذُكِرَ بَعْده ، وَقَدْ حَكَى الْخَطَّابِيُّ أَنَّ الْمُرَاد بِالطَّعَامِ هَا هُنَا الْحِنْطَة وَأَنَّهُ اِسْم خَاصّ لَهُ . قَالَ وَيَدُلّ عَلَى ذَلِكَ ذِكْر الشَّعِير وَغَيْره مِنْ الْأَقْوَات وَالْحِنْطَة أَعْلَاهَا فَلَوْلَا أَنَّهُ أَرَادَهَا بِذَلِكَ لَكَانَ ذِكْرهَا عِنْد التَّفْصِيل كَغَيْرِهَا مِنْ الْأَقْوَات وَلَا سِيَّمَا حَيْثُ عُطِفَتْ عَلَيْهَا بِحَرْفٍ أَوْ الْفَاصِلَة ، وَقَالَ هُوَ وَغَيْره وَقَدْ كَانَتْ لَفْظَة الطَّعَام تُسْتَعْمَل فِي الْحِنْطَة عِنْد الْإِطْلَاق حَتَّى إِذَا قِيلَ اِذْهَبْ إِلَى سُوق الطَّعَام فَهُوَ مِنْهُ سُوق الْقَمْح ، وَإِذَا غَلَبَ الْعُرْف نَزَلَ اللَّفْظ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمَّا غَلَبَ اِسْتِعْمَال اللَّفْظ فِيهِ كَانَ خُطُوره عِنْد الْإِطْلَاق أَقْرَب اِنْتَهَى . وَقَدْ رَدّ ذَلِكَ اِبْن الْمُنْذِر وَقَالَ ظَنَّ أَصْحَابنَا أَنَّ قَوْله فِي حَدِيث أَبِي سَعِيد صَاعًا مِنْ طَعَام حُجَّة لِمَنْ قَالَ صَاعًا مِنْ طَعَام حِنْطَة وَهَذَا غَلَط مِنْهُ ، وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا سَعِيد أَجْمَلَ الطَّعَام ثُمَّ فَسَّرَهُ ثُمَّ أَوْرَدَ طَرِيق حَفْص بْن مَيْسَرَة عِنْد الْبُخَارِيّ وَغَيْره أَنَّ أَبَا سَعِيد قَالَ : كُنَّا نُخْرِج فِي عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم الْفِطْر صَاعًا مِنْ طَعَام . قَالَ أَبُو سَعِيد : وَكَانَ طَعَامنَا الشَّعِير وَالزَّبِيب وَالْأَقِط وَالتَّمْر وَهِيَ ظَاهِرَة فِيمَا قَالَ . وَأَخْرَجَ الطَّحَاوِيّ نَحْوه مِنْ طَرِيق أُخْرَى . وَأَخْرَجَ اِبْن خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِم فِي صَحِيحهمَا أَنَّ أَبَا سَعِيد قَالَ مَا ذَكَرُوا عِنْده صَدَقَة رَمَضَان لَا أُخْرِج إِلَّا مَا كُنْت أُخْرِج فِي عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاع تَمْر أَوْ صَاع حِنْطَة أَوْ صَاع شَعِير أَوْ صَاع أَقِط ، فَقَالَ لَهُ رَجُل مِنْ الْقَوْم أَوْ مُدَّيْنِ مِنْ قَمْح فَقَالَ @

الصفحة 14