كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)

إِلَّا مَنْ عَرَّفَهَا " وَحَمَلَهُ الْجُمْهُور عَلَى أَنَّهُ نَهَى عَنْ اِلْتِقَاطهَا لِلتَّمَلُّكِ لَا لِلتَّعْرِيفِ بِهَا فَإِنَّهُ يَحِلّ ، قَالُوا : وَإِنَّمَا اِخْتَصَّتْ لُقَطَة الْحَاجّ بِذَلِكَ لِإِمْكَانِ إِيصَالهَا إِلَى أَرْبَابهَا إِنْ كَانَتْ لِمَكِّيٍّ فَظَاهِر ، وَإِنْ كَانَتْ لِآفَاقِيٍّ فَلَا يَخْلُو فِي الْغَالِب مِنْ وَارِد مِنْهُ إِلَيْهَا فَإِذْ عَرَّفَهَا وَاجِدهَا فِي كُلّ عَامّ سَهُلَ التَّوَصُّل إِلَى مَعْرِفَة صَاحِبهَا . قَالَ اِبْن بَطَّال : وَقَالَ جَمَاعَة : هِيَ كَغَيْرِهَا مِنْ الْبِلَاد وَإِنَّمَا تَخْتَصّ مَكَّة بِالْمُبَالَغَةِ بِالتَّعْرِيفِ لِأَنَّ الْحَاجّ يَرْجِع إِلَى بَلَده وَقَدْ لَا يَعُود فَاحْتَاجَ الْمُلْتَقِط إِلَى الْمُبَالَغَة فِي التَّعْرِيف بِهَا ، وَالظَّاهِر الْقَوْل الْأَوَّل وَأَنَّ حَدِيث النَّهْي هَذَا مُقَيَّد بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة بِأَنَّهُ لَا يَحِلّ اِلْتِقَاطُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ ، فَاَلَّذِي اِخْتَصَّتْ بِهِ لُقَطَة مَكَّة أَنَّهَا لَا تُلْتَقَط إِلَّا لِلتَّعْرِيفِ بِهَا أَبَدًا فَلَا يَجُوز لِلتَّمَلُّكِ ، وَيُحْتَمَل أَنَّ هَذَا الْحَدِيث فِي لُقَطَة الْحَاجّ مُطْلَقًا فِي مَكَّة وَغَيْرهَا لِأَنَّهُ هُنَا مُطْلَق وَلَا دَلِيل عَلَى تَقْيِيده بِكَوْنِهَا فِي مَكَّة اِنْتَهَى كَلَام السُّبُل . وَقَالَ اِبْن الْمَلِك : أَرَادَ لُقَطَة حَرَم مَكَّة أَيْ لَا يَحِلّ لِأَحَدٍ تَمَلُّكهَا بَعْد التَّعْرِيف بَلْ يَجِب عَلَى الْمُلْتَقِط أَنْ يَحْفَظهَا أَبَدًا لِمَالِكِهَا وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيّ ، وَعِنْد الْحَنَفِيَّة لَا فَرْق بَيْن لُقَطَة الْحَرَم وَغَيْره اِنْتَهَى
( قَالَ أَحْمَد )
: اِبْن صَالِح
( قَالَ اِبْن وَهْب )
: فِي تَفْسِير هَذَا الْحَدِيث
( يَعْنِي فِي لُقَطَة الْحَاجّ يَتْرُكهَا )
: الْوَاجِد وَلَا يَأْخُذهَا
( حَتَّى يَجِدهَا )
: أَيْ اللُّقَطَة
( صَاحِبهَا )
: صَاحِب اللُّقَطَة . وَقَدْ تَعَقَّبَ عَلَى هَذَا التَّفْسِير اِبْن الْهُمَام مِنْ الْأَئِمَّة الْحَنَفِيَّة فَقَالَ فِي فَتْح الْقَدِير شَرْح الْهِدَايَة : وَلَا عَمَل عَلَى هَذَا فِي هَذَا الزَّمَان لِفُشُوِّ السَّرِقَة بِمَكَّة مِنْ حَوَالَيْ الْكَعْبَة فَضْلًا عَنْ الْمَتْرُوك اِنْتَهَى قَالَ فِي الْغَايَة : وَمَا قَالَهُ اِبْن الْهُمَام حَسَن جِدًّا
( قَالَ اِبْن مَوْهِبٍ عَنْ عَمْرو )
: بِصِيغَةِ الْعَنْعَنَة وَأَمَّا أَحْمَد بْن صَالِح فَقَالَ أَنْبَأَنَا اِبْن وَهْب أَخْبَرَنِي عَمْرو بِصِيغَةِ الْإِخْبَار .
قَالَ الْمُنْذِرِيّ : وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ وَلَيْسَ فِيهِ كَلَام اِبْن وَهْب ، وَقَدْ قَالَ : صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَلَا تَحِلّ لُقَطَتهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ " وَالصَّحِيح أَنَّهُ إِذَا وَجَدَ لُقَطَة فِي الْحَرَم لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَأْخُذهَا إِلَّا لِلْحِفْظِ عَلَى صَاحِبهَا وَلْيُعَرِّفْهَا بِخِلَافِ لُقَطَة سَائِر الْبِلَاد فَإِنَّهُ يَجُوز@

الصفحة 142