كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)

قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
النُّسُك بِضَمَّتَيْنِ الْعِبَادَة وَكُلّ حَقّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَالْمَنَاسِك جَمْع مَنْسَك بِفَتْحِ السِّين وَكَسْرهَا وَهُوَ الْمُتَعَبَّد وَيَقَع عَلَى الْمَصْدَر وَالزَّمَان وَالْمَكَان ثُمَّ سُمِّيَتْ بِهِ أُمُور الْحَجّ ، وَالْمَنْسَك الْمَذْبَح وَالنَّسِيكَة الذَّبِيحَة . وَأَصْل الْحَجّ فِي اللُّغَة الْقَصْد . وَقَالَ الْخَلِيل كَثْرَة الْقَصْد إِلَى مُعْظَم ، وَفِي الشَّرْع الْقَصْد إِلَى الْبَيْت الْحَرَام بِأَعْمَالِ مَخْصُوصَة وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَة وَبِكَسْرِهَا لُغَتَانِ . وَوُجُوب الْحَجّ مَعْلُوم مِنْ الدِّين بِالضَّرُورَةِ ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَكَرَّر إِلَّا بِعَارِضٍ كَالنَّذْرِ . وَاخْتُلِفَ هَلْ هُوَ عَلَى الْفَوْر أَوْ التَّرَاخِي وَفِي وَقْت اِبْتِدَاء فَرْضه ، فَالْجُمْهُور عَلَى أَنَّهَا سَنَة سِتٍّ لِأَنَّهَا نَزَلَ فِيهَا قَوْله تَعَالَى { وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ } وَهَذَا يُبْتَنَى عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِالْإِتْمَامِ اِبْتِدَاء الْفَرْض وَيُؤَيِّدهُ قِرَاءَة عَلْقَمَة وَمَسْرُوق وَإِبْرَاهِيم النَّخَعِيِّ بِلَفْظِ وَأَقِيمُوا أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ بِأَسَانِيد صَحِيحَة عَنْهُمْ . وَقِيلَ الْمُرَاد بِالْإِتْمَامِ الْإِكْمَال بَعْد الشُّرُوع وَهَذَا يَقْتَضِي تَقَدُّم فَرْضِهِ قَبْل ذَلِكَ . وَقَدْ وَقَعَ فِي قِصَّة ضِمَام ذِكْر الْأَمْر بِالْحَجِّ وَكَانَ قُدُومه عَلَى مَا ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ سَنَة خَمْس وَهَذَا يَدُلّ إِنْ ثَبَتَ عَلَى تَقَدُّمه عَلَى سَنَة خَمْس لِوُقُوعِهِ فِيهَا وَأَمَّا فَضْله فَمَشْهُور وَلَا سِيَّمَا فِي الْوَعِيد عَلَى تَرْكه .
1463 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( الْحَجّ فِي كُلّ @

الصفحة 144