كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)

جَمْر جَهَنَّم ، فَقَالُوا يَا رَسُول اللَّه وَمَا الْغَنِيّ الَّذِي لَا يَنْبَغِي مَعَهُ الْمَسْأَلَة ؟ قَالَ قَدْر أَنْ يَكُون لَهُ شِبَع يَوْم وَلَيْلَة أَوْ لَيْلَة وَيَوْم
( مَعَهُ الْمَسْأَلَة قَالَ )
: أَيْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( قَدْر مَا يُغَدِّيه وَيُعَشِّيه )
: أَيْ قَدْر كِفَايَتهمَا بِمَالٍ أَوْ كَسْب لَمْ يَمْنَعهُ عَنْ عِلْم أَوْ حَال . وَالتَّغْدِيَة إِطْعَام طَعَام الْغَدْوَة وَالتَّعْشِيَة إِطْعَام طَعَام الْعِشَاء . قَالَ الطِّيبِيُّ : يَعْنِي مَنْ كَانَ لَهُ قُوت هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ لَا يَجُوز أَنْ يَسْأَل فِي ذَلِكَ الْيَوْم صَدَقَة التَّطَوُّع ، وَأَمَّا فِي الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة فَيَجُوز لِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يَسْأَلهَا بِقَدْرِ مَا يَتِمّ بِهِ نَفَقَة سَنَة لَهُ وَلِعِيَالِهِ وَكِسْوَتهمَا لِأَنَّ تَفْرِيقهَا فِي السَّنَة مَرَّة وَاحِدَة
( أَنْ يَكُون لَهُ شِبَع يَوْم )
: بِكَسْرِ الشِّين وَسُكُون الْمُوَحَّدَة وَفَتْحهَا وَهُوَ الْأَكْثَر أَيْ مَا يُشْبِعهُ مِنْ الطَّعَام أَوَّل يَوْمه وَآخِره . قَالَ اِبْن الْمَلِك : بِسُكُونِ الْبَاء مَا يُشْبِع وَبِفَتْحِ الْبَاء الْمَصْدَر . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : فَقَدْ اِخْتَلَفَ النَّاس فِي تَأْوِيله فَقَالَ بَعْضهمْ مَنْ وَجَدَ غَدَاء يَوْمه وَعَشَاءَهُ لَمْ تَحِلّ لَهُ الْمَسْأَلَة عَلَى ظَاهِر الْحَدِيث . وَقَالَ بَعْضهمْ إِنَّمَا هُوَ فِيمَنْ وَجَدَ غَدَاء وَعَشَاء عَلَى دَائِم الْأَوْقَات ، فَإِذَا كَانَ مَا يَكْفِيه لِقُوتِهِ الْمُدَّة الطَّوِيلَة فَقَدْ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ الْمَسْأَلَة . وَقَالَ آخَرُونَ : هَذَا مَنْسُوخ بِالْأَحَادِيثِ الْأُخَر الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرهَا
( كَانَ حَدَّثَنَا )
: النُّفَيْلِيّ
( بِهِ )
: أَيْ بِهَذَا الْحَدِيث
( مُخْتَصَرًا عَلَى هَذِهِ الْأَلْفَاظ الَّتِي ذُكِرَتْ )
: بِصِيغَةِ الْمُتَكَلِّم الْمَعْرُوف أَوْ الْغَائِب الْمَجْهُول . وَأَمَّا الْإِمَام أَحْمَد فَرَوَى فِي مُسْنَده مِنْ طَرِيق عَبْد الرَّحْمَن بْن يَزِيد بْن جَابِر عَنْ رَبِيعَة بْن يَزِيد عَنْ أَبِي كَبْشَة السَّلُوليِّ عَنْ سَهْل بِهَذَا الْحَدِيث وَفِيهِ فَأَخْبَرَ مُعَاوِيَة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِمَا وَخَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَاجَة فَمَرَّ بِبَعِيرٍ مُنَاخ عَلَى بَاب الْمَسْجِد مِنْ أَوَّل النَّهَار ثُمَّ مَرَّ بِهِ آخِر النَّهَار وَهُوَ عَلَى حَاله @

الصفحة 36