كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)

قَالَ النَّوَوِيّ : مَعْنَى هَذَا الْكَلَام أَنَّ جَعْفَر بْن مُحَمَّد رَوَى هَذَا الْحَدِيث عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِر قَالَ : كَانَ أَبِي يَعْنِي مُحَمَّدًا يَقُول إِنَّهُ قَرَأَ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ . قَالَ جَعْفَر وَلَا أَعْلَم أَبِي ذَكَرَ تِلْكَ الْقِرَاءَة عَنْ قِرَاءَة جَابِر فِي صَلَاة جَابِر بَلْ عَنْ جَابِر عَنْ قِرَاءَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاته قَرَأَ فِي الرَّكْعَة الْأُولَى بَعْد الْفَاتِحَة { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ } وَفِي الثَّانِيَة بَعْد الْفَاتِحَة { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } وَأَمَّا قَوْله لَا أَعْلَم ذِكْرَهُ إِلَّا عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَيْسَ هُوَ شَكًّا فِي ذَلِكَ لِأَنَّ لَفْظَة الْعِلْم تُنَافِي الشَّكّ بَلْ جَزَمَ بِرَفْعِهِ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيح عَلَى شَرْط مُسْلِم عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّد عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِر أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ بِالْبَيْتِ فَرَمَلَ مِنْ الْحَجَر الْأَسْوَد ثَلَاثًا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَرَأَ فِيهِمَا قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ
( ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْبَيْت فَاسْتَلَمَ الرُّكْن )
: فِيهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبّ لِلطَّائِفِ طَوَاف الْقُدُوم إِذَا فَرَغَ مِنْ الطَّوَاف وَصَلَاته خَلْف الْمَقَام أَنْ يَعُود إِلَى الْحَجَر الْأَسْوَد فَيَسْتَلِمهُ ثُمَّ يَخْرُج مِنْ بَاب الصَّفَا لِيَسْعَى ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ هَذَا الِاسْتِلَام لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَإِنَّمَا هُوَ سُنَّة لَوْ تَرَكَهُ لَمْ يَلْزَم دَم
( ثُمَّ خَرَجَ مِنْ الْبَاب )
: أَيْ الصَّفَا
( إِلَى الصَّفَا )
: أَيْ جَبَل الصَّفَا .
قَالَ النَّوَوِيّ : فِيهِ أَنَّ السَّعْي يُشْتَرَط فِيهِ أَنْ يَبْدَأ مِنْ الصَّفَا ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيّ وَمَالِك وَالْجُمْهُور .
وَقَدْ ثَبَتَ فِي رِوَايَة النَّسَائِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيث بِإِسْنَادٍ صَحِيح أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : اِبْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّه بِهِ ، هَكَذَا بِصِيغَةِ الْجَمْع . وَمِنْهَا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَرْقَى عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَة ، وَفِي هَذَا الرُّقِيّ خِلَاف قَالَ الْجُمْهُور مِنْ الشَّافِعِيَّة : @

الصفحة 367