كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)

أَيْ دَخَلَتْ نِيَّة الْعُمْرَة فِي نِيَّة الْحَجّ بِحَيْثُ إِنَّ مَنْ نَوَى الْحَجّ صَحَّ الْفَرَاغ مِنْهُ بِالْعُمْرَةِ ، وَعَلَى الثَّانِي حَلَّتْ الْعُمْرَة فِي أَشْهُر الْحَجّ وَصَحَّتْ قَالُوا وَالْمَقْصُود إِبْطَال مَا زَعَمَهُ أَهْل الْجَاهِلِيَّة مِنْ أَنَّ الْعُمْرَة لَا تَجُوز فِي أَشْهُر الْحَجّ ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ جَوَاز الْقِرَان وَتَقْدِير الْكَلَام : دَخَلَتْ أَفْعَال الْعُمْرَة فِي الْحَجّ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ، قَالُوا : وَيَدُلّ عَلَيْهِ تَشْبِيك الْأَصَابِع .
قَالَ النَّوَوِيّ : وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي هَذَا الْفَسْخ هَلْ هُوَ خَاصّ لِلصَّحَابَةِ أَمْ لِتِلْكَ السَّنَة أَمْ بَاقٍ لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَقَالَ أَحْمَد وَطَائِفَة مِنْ أَهْل الظَّاهِر لَيْسَ خَاصًّا بَلْ هُوَ بَاقٍ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَيَجُوز لِكُلِّ مَنْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ وَلَيْسَ مَعَهُ هَدْي أَنْ يَقْلِب إِحْرَامه عُمْرَة وَيَتَحَلَّل بِأَعْمَالِهَا . وَقَالَ مَالِك وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو حَنِيفَة وَجَمَاهِير الْعُلَمَاء مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف هُوَ مُخْتَصّ بِهِمْ فِي تِلْكَ السَّنَة لِيُخَالِفُوا مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْجَاهِلِيَّة مِنْ تَحْرِيم الْعُمْرَة فِي أَشْهُر الْحَجّ اِنْتَهَى .
قَالَ اِبْن الْقَيِّم فِي زَاد الْمَعَاد بَعْد ذِكْره حَدِيث الْبَرَاء وَغَضَبه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا لَمْ يَفْعَلُوا مَا أَمَرَهُمْ بِهِ مِنْ الْفَسْخ : وَنَحْنُ نُشْهِد اللَّه عَلَيْنَا أَنَّا لَوْ أَحْرَمْنَا بِحَجٍّ لَرَأَيْنَا فَرْضًا عَلَيْنَا فَسْخه إِلَى عُمْرَة تَفَادِيًا مِنْ غَضَب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاتِّبَاعًا لِأَمْرِهِ . فَوَاَللَّهِ مَا نُسِخَ هَذَا فِي حَيَاته وَلَا بَعْده وَلَا صَحَّ حَرْف وَاحِد يُعَارِضهُ وَلَا خُصَّ بِهِ أَصْحَابه دُون مَنْ بَعْدهمْ بَلْ أَجْرَى اللَّه عَلَى لِسَان سُرَاقَة أَنْ سَأَلَهُ هَلْ ذَلِكَ مُخْتَصّ بِهِمْ أَمْ لَا فَأَجَابَهُ بِأَنَّ ذَلِكَ كَائِن لِأَبَدِ الْأَبَد فَمَا نَدْرِي مَا يُقَدَّم عَلَى هَذِهِ الْأَحَادِيث وَهَذَا الْأَمْر الْمُؤَكَّد الَّذِي غَضِبَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ اِنْتَهَى وَتَقَدَّمَ بَعْض الْبَيَان فِي بَاب إِفْرَاد الْحَجّ .
( بِبُدْنٍ )
: بِضَمِّ الْبَاء وَسُكُون الدَّال جَمْع بَدَنَة
( صَبِيغًا )
: أَيْ مَصْبُوغًا
( فَأَنْكَرَ@

الصفحة 371