كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)

مَالِكًا فَقَالَ هِيَ مِنْ عَرَفَات
( فَخَطَبَ النَّاس )
: فِيهِ اِسْتِحْبَاب الْخُطْبَة لِلْإِمَامِ بِالْحَجِيجِ يَوْم عَرَفَة فِي هَذَا الْمَوْضِع وَهُوَ سُنَّة بِاتِّفَاقِ جَمَاهِير الْعُلَمَاء وَخَالَفَ فِيهَا الْمَالِكِيَّة . وَمَذْهَب الشَّافِعِيّ أَنَّ فِي الْحَجّ أَرْبَع خُطَب مَسْنُونَة إِحْدَاهَا يَوْم السَّابِع مِنْ ذِي الْحِجَّة يَخْطُب عِنْد الْكَعْبَة بَعْد صَلَاة الظُّهْر ، وَالثَّانِيَة هَذِهِ الَّتِي بِبَطْنِ عُرَنَة يَوْم عَرَفَات ، وَالثَّالِثَة يَوْم النَّحْر ، وَالرَّابِعَة يَوْم النَّفْر الْأَوَّل وَهُوَ الْيَوْم الثَّانِي مِنْ أَيَّام التَّشْرِيق . قَالَ الْعُلَمَاء : وَكُلّ هَذِهِ الْخُطَب أَفْرَاد ، وَبَعْد صَلَاة الظُّهْر إِلَّا الَّتِي يَوْم عَرَفَات فَإِنَّهَا خُطْبَتَانِ وَقَبْل الصَّلَاة ، وَيُعَلِّمهُمْ فِي كُلّ خُطْبَة مِنْ هَذِهِ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ إِلَى الْخُطْبَة الْأُخْرَى
( فَقَالَ إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالكُمْ )
: أَيْ تَعَرُّضهَا
( عَلَيْكُمْ حَرَام )
: أَيْ لَيْسَ لِبَعْضِكُمْ أَنْ يَتَعَرَّض لِبَعْضٍ فَيُرِيق دَمه أَوْ يَسْلُب مَاله
( كَحُرْمَةِ يَوْمكُمْ هَذَا )
: يَعْنِي تَعَرُّض بَعْضكُمْ دِمَاء بَعْض وَأَمْوَاله فِي غَيْر هَذِهِ الْأَيَّام كَحُرْمَةِ التَّعَرُّض لَهُمَا فِي يَوْم عَرَفَة
( فِي شَهْركُمْ هَذَا )
: أَيْ ذِي الْحِجَّة
( فِي بَلَدكُمْ هَذَا )
: أَيْ مَكَّة أَوْ الْحَرَم الْمُحْتَرَم . وَفِيهِ تَأْكِيد حَيْثُ جَمَعَ بَيْن حُرْمَة الزَّمَان وَاحْتِرَام الْمَكَان فِي تَشْبِيه حُرْمَة الْأَمْوَال وَالْأَبَدَانِ .
قَالَ النَّوَوِيّ : مَعْنَاهُ مُتَأَكِّدَة التَّحْرِيم شَدِيدَته . وَفِي هَذَا دَلِيل لِضَرْبِ الْأَمْثَال وَإِلْحَاق النَّظِير بِالنَّظِيرِ قِيَاسًا
( أَلَا )
: لِلتَّنْبِيهِ
( إِنَّ كُلّ شَيْء )
: أَيْ فَعَلَهُ أَحَدكُمْ
( مِنْ أَمْر الْجَاهِلِيَّة )
: أَيْ قَبْل الْإِسْلَام
( تَحْت قَدَمَيَّ )
: بِالتَّثْنِيَةِ
( مَوْضُوع )
: أَيْ كَالشَّيْءِ الْمَوْضُوع تَحْت الْقَدَم وَهُوَ مَجَاز عَنْ إِبْطَاله ، وَالْمَعْنَى عَفَوْت عَنْ كُلّ شَيْء فَعَلَهُ رَجُل قَبْل الْإِسْلَام حَتَّى صَارَ كَالشَّيْءِ الْمَوْضُوع تَحْت الْقَدَم .
قَالَ النَّوَوِيّ : فِي هَذِهِ الْجُمْلَة إِبْطَال أَفْعَال الْجَاهِلِيَّة وَبُيُوعهَا الَّتِي لَمْ يَتَّصِل بِهَا @

الصفحة 375