كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)

( ثُمَّ أَتَى الْمُزْدَلِفَة )
: مَوْضِع مَعْرُوف قِيلَ سُمِّيَتْ بِهِ لِمَجِيءِ النَّاس إِلَيْهَا فِي زُلَف مِنْ اللَّيْل أَيْ سَاعَات قَرِيبَة مِنْ أَوَّله وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى { وَإِذَا الْجَنَّة أُزْلِفَتْ } أَيْ قُرِّبَتْ
( فَجَمَعَ بَيْن الْمَغْرِب وَالْعِشَاء )
: أَيْ وَقْت الْعِشَاء
( بِأَذَانٍ وَاحِد وَإِقَامَتَيْنِ )
: قَالَ النَّوَوِيّ : إِنَّ السُّنَّة لِلدَّافِعِ مِنْ عَرَفَات أَنْ يُؤَخِّر الْمَغْرِب إِلَى وَقْت الْعِشَاء ، وَيَكُون هَذَا التَّأْخِير بِنِيَّةِ الْجَمْع ثُمَّ الْجَمْع بَيْنهمَا فِي الْمُزْدَلِفَة فِي وَقْت الْعِشَاء ، وَهَذَا مُجْمَع عَلَيْهِ ، لَكِنْ مَذْهَب أَبِي حَنِيفَة وَطَائِفَة أَنَّهُ يَجْمَع بِسَبَبِ النُّسُك وَيَجُوز لِأَهْلِ مَكَّة وَالْمُزْدَلِفَة وَمِنًى وَغَيْرهمْ ، وَعِنْد الشَّافِعِيّ أَنَّهُ جَمَعَ بِسَبَبِ السَّفَر كَمَا تَقَدَّمَ
( وَلَمْ يُسَبِّح )
: أَيْ يُصَلِّ
( بَيْنهمَا )
: أَيْ بَيْن الْمَغْرِب وَالْعِشَاء
( شَيْئًا )
: أَيْ مِنْ النَّوَافِل وَالسُّنَن
( ثُمَّ اِضْطَجَعَ )
: أَيْ لِلنَّوْمِ
( حَتَّى طَلَعَ الْفَجْر )
: وَالْمَبِيت عِنْد أَبِي حَنِيفَة سُنَّة وَهُوَ قَوْل بَعْض الشَّافِعِيَّة ، وَقِيلَ وَاجِب وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِيّ ، وَقِيلَ : رُكْن لَا يَصِحّ إِلَّا بِهِ كَالْوُقُوفِ وَعَلَيْهِ جَمَاعَة مِنْ الْأَجِلَّة . وَقَالَ مَالِك : النُّزُول وَاجِب وَالْمَبِيت سُنَّة وَكَذَا الْوُقُوف بَعْده ، قَالَ الْقَارِيّ : ثُمَّ الْمَبِيت بِمُعْظَمِ اللَّيْل ، وَالصَّحِيح أَنَّهُ بِحُضُورِ لَحْظَة بِالْمُزْدَلِفَةِ
( حِين تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْح )
: أَيْ طَلَعَ الْفَجْر فَصَلَّى بِغَلَسٍ
( بِنِدَاءٍ )
: أَيْ أَذَان
( حَتَّى أَتَى الْمَشْعَر الْحَرَام )
: قَالَ النَّوَوِيّ : الْمَشْعَر بِفَتْحِ الْمِيم وَالْمُرَاد بِهِ هَا هُنَا قُزَح وَهُوَ جَبَل مَعْرُوف فِي الْمُزْدَلِفَة . وَهَذَا الْحَدِيث حُجَّة أَنَّ الْمَشْعَر الْحَرَام قُزَح . وَقَالَ أَكْثَر الْعُلَمَاء : الْمَشْعَر الْحَرَام جَمِيع الْمُزْدَلِفَة اِنْتَهَى كَلَامه . قَالَ الْقَارِيّ : وَمِمَّا يَدُلّ عَلَى الْمُغَايَرَة بَيْن الْمُزْدَلِفَة وَالْمَشْعَر الْحَرَام مَا فِي الْبُخَارِيّ : كَانَ اِبْن عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يُقَدِّم ضَعَفَة أَهْله فَيَقِفُونَ عِنْد الْمَشْعَر بِالْمُزْدَلِفَةِ فَيَذْكُرُونَ اللَّه .@

الصفحة 381