كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 5)
بِمَكَّة فَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِم مِنْ حَدِيث اِبْن عُمَر أَنَّ النَّبِيّ أَفَاضَ يَوْم النَّحْر فَصَلَّى الظُّهْر بِمِنًى . وَوَجْه الْجَمْع بَيْنهمَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ لِلْإِفَاضَةِ قَبْل الزَّوَال ثُمَّ صَلَّى الظُّهْر بِمَكَّة فِي أَوَّل وَقْتهَا ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مِنًى فَصَلَّى بِهَا الظُّهْر بِأَصْحَابِهِ حِين سَأَلُوهُ ذَلِكَ فَيَكُون مُتَنَفِّلًا بِالظُّهْرِ الثَّانِيَة الَّتِي بِمِنًى اِنْتَهَى . قَالَ الْقَارِيّ : أَوْ يُقَال الرِّوَايَتَانِ حَيْثُ تَعَارَضَتَا فَتَتَرَجَّح صَلَاته بِمَكَّة لِكَوْنِهَا أَفْضَل وَيُؤَيِّدهُ ضِيق الْوَقْت لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام رَجَعَ قُبَيْل طُلُوع الشَّمْس مِنْ الْمَشْعَر وَرَمَى بِمِنًى وَنَحَرَ مِائَة مِنْ الْإِبِل ، وَطَبَخَ لَحْمهَا وَأَكَلَ مِنْهَا ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى مَكَّة وَطَافَ وَسَعَى فَلَا شَكّ أَنَّهُ أَدْرَكَهُ الْوَقْت بِمَكَّة وَمَا كَانَ يُؤَخِّرهَا عَنْ وَقْت الْمُخْتَار لِغَيْرِ ضَرُورَة وَلَا ضَرُورَة هُنَا وَاَللَّه أَعْلَم .
( بَنِي عَبْد الْمُطَّلِب )
: وَهُمْ أَوْلَاد الْعَبَّاس وَجَمَاعَته لِأَنَّ سِقَايَة الْحَاجّ كَانَتْ وَظِيفَته
( يَسْقُونَ )
: أَيْ مَرَّ عَلَيْهِمْ وَهُمْ يَنْزِعُونَ الْمَاء مِنْ زَمْزَم وَيَسْقُونَ النَّاس
( عَلَى زَمْزَم )
: قَالَ النَّوَوِيّ : مَعْنَاهُ يَغْرِفُونَ بِالدِّلَاءِ وَيَصُبُّونَهُ فِي الْحِيَاض وَنَحْوهَا فَيُسَبِّلُونَهُ
( فَقَالَ اِنْزِعُوا )
: أَيْ الْمَاء وَالدِّلَاء
( بَنِي عَبْد الْمُطَّلِب )
: يَعْنِي الْعَبَّاس وَمُتَعَلِّقِيهِ بِحَذْفِ حَرْف النِّدَاء ، دَعَا لَهُمْ بِالْقُوَّةِ عَلَى النَّزْع وَالِاسْتِقَاء أَيْ إِنَّ هَذَا الْعَمَل عَمَل صَالِح مَرْغُوب فِيهِ لِكَثْرَةِ ثَوَابه وَالظَّاهِر أَنَّهُ أَمْر اِسْتِحْبَاب لَهُمْ
( فَلَوْلَا أَنْ يَغْلِبكُمْ النَّاس عَلَى سِقَايَتكُمْ )
: أَيْ لَوْلَا مَخَافَة كَثْرَة الِازْدِحَام عَلَيْكُمْ بِحَيْثُ تُؤَدِّي إِلَى إِخْرَاجكُمْ عَنْهُ رَغْبَة فِي النَّزْع قَالَهُ الْقَارِي .
وَقَالَ النَّوَوِيّ : مَعْنَاهُ لَوْلَا خَوْفِي أَنْ يَعْتَقِد النَّاس ذَلِكَ مِنْ مَنَاسِك الْحَجّ فَيَزْدَحِمُونَ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَغْلِبُونَكُمْ وَيَدْفَعُونَكُمْ عَنْ الِاسْتِقَاء لَاسْتَقَيْت مَعَكُمْ لِكَثْرَةِ @
الصفحة 385